موسى أبو دويح:الغول لجميل السلحوت وجهل الجاهلين

م

 

 

 

 

 


الغول قصة للأطفال للكاتب جميل السّلحوت، من منشورات مركز بعثة الطّفولة الفلسطينيّة في رام الله، صدرت الطّبعة الأولى منها في أواخر آب سنة 2007.
والغول لفظة متداولة على ألسنة العامّة وبخاصّة النّساء اللواتي يخوّفن أطفالهنّ دوماً بالغول.
ولقد حصر الكاتب شخوص قصّته في أربعة: الطّفلة خديجة وأمّها وجدّتها ومعلّمتها؛ وهذا من شأنه أن يجعل القصّة سهلة الفهم عند الطّفل، ولو كان صغيراً أو دون سنّ التّمييز.
فالجدّة حدّثت حفيدتها عن الغول فأرعبتها، حتّى أنّها رأت الغول في منامها فابتلعها، فبالت في ثيابها من شدّة الخوف وبلّلت الفراش. فذهبت إلى أمّها تخبرها الخبر فانهالت عليها ضرباً وصراخاً دون أن تسمع منها سبب ذلك، وحمّمتها بالماء البارد عقوبةً لها.
ذهبت خديجة إلى المدرِسة فأخبرت معلّمتها بما حدث معها؛ فلاطفتها وبيّنت لها أنّ الغول حيوان خرافيّ لا وجود له.
القصّة مصوّرة، والصّور فيها معبّرة وتناسب الوقائع، وظهرت فيها الأمّ والجدّة في ثياب من الزّيّ الفلسطينيّ القرويّ، وظهرت فيها صورة المعلّمة في ثياب محتشمة.
والقصّة مشكولة حرفاً حرفاً، وخلت من الأخطاء إلا ثلاثة:
1. آذان الفجر في الصّفحة الخامسة والصّحيح أذان الفجر، فليس للفجر أذن ولا آذان.
2. في الصّفحة الخامسة له عين في منتصف جبينة حيث وضعت نقطتان على التّاء المربوطة وهي هاء مهملة بدون تنقيط.
3. وفي الصّفحة العاشرة ” واستبدلت ملابسها بالمزّيّ المدرسيّ” والصّحيح بالزّيّ المدرسيّ بدون الميم.
وهذه الأخطاء الثّلاثة أخطاء مطبعيّة لا تخفى على الشّيخ أبداً.
أمّا الخطأ الكبير الّذي وقع فيه الكاتب فهو قوله: فأجابت المعلّمة: إنّه جهل الأمّيّين جواباً لخديجة عندما سألت: لماذا تحدّثني جدّتي عن حيوان خرافيّ غير موجود؟ والصّحيح أن يقول: إنّه جهل الجاهلين، فالأمّيّون ليسوا جهلة ولا جاهلين. فكم من أمّيّ عقله أرجح من عقول كثير من المتعلّمين! وكم من متعلّم هو من أجهل الجاهلين! ويكفي دليلاً على ذلك أنّ سيد الخلق محمّداً _صلّى الله عليه وسلّم_ كان أمّيّاً، وهو معلّم الخلق أجمعين.
ولقد أحسن الكاتب في قوله: (داعبتها المعلّمة) بمعنى لاعبتها ومازحتها ولاطفتها، والعرب تقول هو دعّاب لعّاب.
ولقد جاءت لغة القصّة سهلة مناسبة للأطفال لا تعقيد فيها، وجاءت أدوار الشخوص فيها مناسبة لكلّ واحد منهم، فالأدوار واقعيّة مختارة من واقع الرّيف الفلسطينيّ.
وتعميماً للفائدة رجعت إلى لسان العرب لأرى ما تقول العرب في الغول، ورأيت أن أختار ممّا جاء فيه عن الغول ما يلي:
جاء في لسان العرب في مادة (غول) غاله الشّيءُ غولاً واغتاله: أهلكه وأخذه من حيثُ لم يدر.
والغُولُ المنيّة. واغتاله: قتله غِيلةً أي في اغتيال وخُفْية وقيل: هو أن يخدع الإنسانَ حتّى يصيرَ إلى مكان قد استخفى له فيه مَنْ يقتلُه. قال ذلك أبو عبيد.
ويقال: غاله يغوله إذا اغتاله. وكلّ ما أهلك الإنسانَ فهو غول.
وقالوا الغضب غُول الحِلْم أي أنّه يهلكه ويغتاله ويذهب به.
والغُول كلّ شيء ذهب بالعقل. والغُول الدّاهيةُ.
والغول بالضّمّ السِّّعلاة والجمع أغوال وغيلان.وفي حديث النّبيّ _صلّى الله عليه وسلم_: عليكم بالدُّلْجة فإن الأرض تُطْوىٰ بالليل، وإذا تغوّلت لكمُ الغيلان فبادروا بالأذان، ولا تنزلوا على جوادّ الطّريق (جمع جادّة)، ولا تصلّوا عليها، فإنّها مأوى الحيّات والسّباع.
وفي الحديث أنّ رسول الله _صلّى الله عليه وسلّم_ قال: لاعَدوىٰ ولا هامَةَ ولا صَفَرَ ولا غُول، كانت العرب تقول: إنّ الغيلان تراءى للنّاس فتغوّلُ تغوّلاً أي تلوّنُ تلوّناً فتضلّهم عن الطّريق وتهلكهم فأبطل ذلك النبيّ _صلّى الله عليه وسلّم_ ونفاه.
والغول الحيّة والجمع أغوال. قال امرؤالقيس: (ومسنونةٍ زُرْقٍ كأنيابِ أغوالِ). قال أبو حاتم: يريد أن يكبُرَ بذلك ويعظُم. ومنه قوله تعالى: (كأنّه رؤوس الشّياطين) وقريش لم تَرَ رأس شيطان قطّ، إنّما أراد تعظيم ذلك في صدورهم.

 

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات