ديانا أبو عياش:رواية المطلقة وجرأة الكاتب بالخوض في قضايا المجتمع

د

عن مكتبة كل شيء في حيفا للنشر صدرت قبل أيّام رواية جديدة بعنوان (المطلقة) للأديب المقدسي جميل السلحوت، والتي تشكل الجزء الثاني لروايته الخاصرة الرخوة، وبهذه المناسبة أبارك للكاتب هذا الإصدار، وأتمنى له مزيدا من الصحة والعطاء، وهذه الرواية التي تحتوي على 192 صفحة من الحجم المتوسط ويحمل غلافها الأول لوحة للفنان التشكيلي محمد نصرالله، هي واحدة من مؤلفاته العديدة التي تنصف المرأة وتقف الى جانبها، وتطالب المجتمع بضرورة تغيير النظرة السلبية لها، وإعطائها حقوقها كاملة ومنها حقها في الحياة الكريمة، في التعليم العالي، في اختيار شريك الحياة، في حرية العمل، والتملك والتصرف وغيرها من الأمور التي خصها بها الاسلام، بالإضافة إلى احترامها وتقديرها كأمّ، وزوجة، وأخت، وابنة عمّة وخالة وزميلة…………إلخ.
العنوان: المطلقة
الفكرة الرئيسية
في هذه الرواية كما يدل العنوان يتطرق السلحوت الى مسألة الطلاق وموقف المجتمع منه، ونظرته السلبية إلى المطلقة والأرملة.
الشخصيات الرئيسية والثانوية
جمانة وطليقها أسامة، أمّ أسامة وزوجها، والدا جمانة وشقيقتها تغريد، عائشة وزوجها فارس، صابرين، الدّجال عدي، الدكتورة أميرة، الدكتور فريد، المهندس رمزي….. وغيرهم.
المضمون:
تتطرق الرّواية بشكل عام إلى أسباب الطلاق لعدد من الزوجات، والحالة الخاصة بكل واحدة، ليلقي الضوء بل يسلطه بشدة؛ ليعلم المجتمع أن الجهل والتخلف هي الأسباب الرئيسية لظلم المرأة، ومنها:
جمانة الزوجة المتعلمة والتي طلبت الطلاق وأصرت عليه رغم محاولات كثيرين للإصلاح بينها وبين زوجها أسامة، بعد سنتين من زواجها واغترابهما في السعودية وإنجابهما لطفلهما سعيد، والسبب في هذا الأمر كان العنف الذي كانت تتعرض له من قبل زوجها التكفيريّ، يعامل المرأة من خلاله كجارية لا تملك أيّ حق من حقوقها كزوجة مسلمة، مثل منعها من الخروج، من العمل، من مشاهدة التلفاز، وقراءة الصحف….وغيرها ، والمصيبة أنّه كان يعتقد نفسه بأنّه يعاملها حسب تعاليم الإسلام، يضاف إلى ذلك موقف حماتها” أمّ أسامة” السلبي، حيث تحرض ابنها على زوجته، وخطفها لحفيدها من حضن والدته لتعيده جمانة عن طريق الشرطة، والجهل والتخلف الذي أدخل الحماة في متاهات السحرة والدجالين لدرجة أنها وقعت ضحية الدجال عدي ،الذي زنى بها بحجة علاجها من الجني الذي تلبسها، وأخذ منها مبلغا كبيرا من المال، وموقف حمي جمانة أبي أسامة الإيجابي الذي حثّ ابنه لتغيير أفكاره وإعادة المياه بينه وبين زوجته إلى مجاريها، كما أظهر أن المطلقة ليست أقل من غيرها شأنا، فمن الممكن أن تتزوج مرة أخرى من أعزب ومتعلم وإنسان يقدرها جيدا، كما شاهدنا ذلك في الرواية من خلال زواج جمانة من المهندس رمزي، وشقيقتها تغريد الصيدلانية من شقيقه الطبيب فريد.
عائشة: زوجها الأوّل ظلمها باتهامها بشرفها وطلقها، وصارت حديث الناس بسبب هذا الأمر، وبعد زواجها من الأسير المحرر فارس، وإنجابها منه اتضح أنها لا زالت عذراء، والمشكلة أن بكارتها كانت مطاطية، واتّضح هذا الأمر للطبيبة التي اشرفت على ميلادها، طبعا أهلها أعلنوا الأمر حتى تنقلب نظرة الناس لها من الاحتقار إلى الاحترام، وبعد وفاة زوجها الثّاني فارس بالسرطان، يعود طليقها وأهله ليطلبوها زوجة له مرة أخرى مع الاعتذار ممّا بدر منه ومنهمبتوسيخ سمعتها في المجتمع، فترفض بطبيعة الحال.
صابرين: وهي ابنة عمّ أسامة والتي كانت أيضا مطلقة، ولم تقبل بالزواج بداية من أسامة رغم أصرار والدته على ذلك قبل وبعد طلاقه لجمانة، خصوصا أنها غنية، بسبب ما حصلت عليه من طليقها، لكن عندما وجدت أن كل من يتقدمون لها هم من كبار السّنّ ومن جيل والدها أو يزيد، اضطرت لقبول الزواج به على أمل أن تصلح من حاله، وأفكاره، مع نصائح والده المستمرة.
وأخيرا تطرقت الّواية إلى المثلية الجنسية من خلال الشاب مأمون، الذي عمل عملية تحويل في فرنسا، وصار “ميمونة” وتزوج من رجل، ليبين لنا الفرق في التفكير من حيث ظلم المرأة حين يعتبرها سببا في توسيخ شرف العائلة، نتيجة الجهل والتخلف، في حين أن الرجل قد يجلب الخزي والعار لأهله ومجتمعه، فالشّرف للرجل وللمرأة على حدّ سواء.
الأسلوب
كما عودنا الأديب جميل السلحوت فانه يكتب بأسلوب السهل الممتنع البعيد عن التعقيد والفذلكة اللغوية، ورسالته واضحة وجليّة في محاربة الجهل والتخلف.
المكان: القدس الشريف، حيث ورد في الرواية ذكر لعدة مناطق وأماكن رئيسية في المدينة المقدسة مثل المسجد الاقصى، مستشفى المطلع، مستشفى المقاصد الخيرية، جبل الصوانة، بيت حنينا، شعفاط، وغيرها.
ملاحظات: أجاد الكاتب في تناوله لقضية الطلاق، وما يترتب عليها من ظلم للمرأة ولأطفال، بتناوله لهذه الشرائح، وتبقى أسباب الطلاق، أكثر من ذلك لكن الكاتب لا يستطيع تناولها في رواية واحدة، لكنني أعتب عليه عدم ذكر المرأة التي تؤثر البقاء تحت سطوة الزوج والحماة وعنفهما لدرجة أنه ممكن أن تتعرض حياتها للخطر، على أن يطلق عليها لقب مطلقة، وهذه النوعية تشكل شريحة كبيرة من مجتمعنا، وللأسف هناك أهل يرفضون الطلاق لابنتهم، ويؤمنون بمقولة أن المرأة يجب أن لا تترك بيت زوجها إلا إلى القبر، ولا يصحون على أنفسهم إلا إذا ماتت نتيجة الضرب أو الطعن أو التكسير أو حتى الانتحار، يعني أسباب ظاهرة وليس بسبب القهر الذي إن لم يكن سببا مباشرا للموت، كان سببا للأزمات النفسية والأمراض الجسدية كالسرطان والجلطات القلبية، أو سببا في تحولها إلى قاتلة عندما لا يبقى مجال للتحمل.
من ناحية أخرى يعجبني في الشيخ جميل دمجه للتراث من خلال الأمثال الشعبية التي تتخلل الأحاديث خصوصا بين كبار السن، والآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي يستدل بها ليثبت صحة القضايا التي يطرحها، وهذا برهان على سعة ثقافته الشعبية والدينية، واطلاعه على قضايا اجتماعية أغفلها كثيرون، لكن السلحوت كتب عنها بجرأة.
عن حياة الكاتب
من مواليد القدس عام 1949م، درس اللغة العربية وآدابها، وله العديد من الروايات والقصص الهادفة للصغار والكبار، ومنشورات في الجرائد والصحف، وتم تكريمه من عشرات المؤسسات الثقافية في فلسطين وخارجها، عمل بالتدريس، وإصلاح ذات البين، كونه يعيش في بيئة عشائرية، وأسس العديد من المؤسسات الثقافية أشهرها ندوة اليوم السابع المقدسية في المسرح الوطني الفلسطيني مع عدد من الأدباء، والذي كان لي شرف التعرف عليه من خلالها عن قرب.
ديانا أبو عياش
29/9/2020م

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات