يحدث في المسجد الأقصى

ي

– أتوجه الى المسجد الأقصى المبارك لأؤدي فيه صلاة الجمعة، فتتكدر نفسي عندما أرى أكثر من حاجز اسرائيلي في مدخل باب الأسباط، وفي مداخل المسجد نفسه، يعترضون الشباب ويمنعونهم من دخول المسجد للصلاة، وان سمحوا لهم في بعض الأحيان فإنهم يحتجزون بطاقات الهوية حتى عودتهم.

– وينشرح صدري فور دخولي باحات المسجد، فالمكان مهيب، ساحر الجمال، فهو أقرب مكان من الأرض الى السماء، منه عرج الرسول الأعظم صلوات الله وسلامه عليه الى السماوات العليا، لتتأكد عروبة واسلامية المدينة المقدسة بقرار رباني لا رادّ له.

– وتتكدر نفسي عندما أنظر جهة الغرب فأرى( كنيس الخراب) الذي يعلو المسجد الأقصى من الجهة الغربية، لأن هذا الكنيس لم يُبن للعبادة بمقدار ما بني لتخريب المسجد الأقصى الذي تنخر الحفريات الاسرائيلي أساساته.

– وينشرح صدري وأنا في أحد المساجد الثلاثة التي تشد اليها الرحال، طلباً للثواب حيث أن الصلاة فيه تعادل خمسمائة صلاة في المساجد الأخرى.

– وتتكدر نفسي عندما أرى أفرادا متسولين، اتخذوا من التسول مهنة دائمة، في حين أن آخرين يحملون يافطات لجمع تبرعات لبناء مساجد معينة في مناطق معينة، منذ سنوات عديدة، علماً أن المساجد مبنية منذ سنوات، ومجهزة ومفروشة ولا تحتاج الى تبرعات.

– وينشرح صدري عندما أرى أطفالاً في عمر الورود بصحبة والديهم لآداء الصلاة في المسجد العظيم، فأشعر بفرح غامر وأنا أقف بين يدي الله خاشعاً وبجانبي طفل، فالأطفال أحباب الله.

– وتتكدر نفسي عندما يجلس بجانبي رجل أو رجال في مختلف الأعمار ورائحة البصل والثوم تنبعث كريهة من أفواههم، فأكظم غيظي وضيقي من ذلك،وأحاصر معدتي التي تنقبض تأهبا للتقيؤ، وأنا أستمع لخطبة الجمعة أو أثناء تأدية الصلاة.

– وأفرح لرجال يلتقطون بقايا أشياء من باحات وساحات المسجد ليحتفظوا بها في جيوبهم حتى يلقونها في حاويات القمامة خارج المسجد، ولا ألبث أن تتكدر نفسي وأنا أرى آخرين يأكلون في باحات المسجد، ويتركون بقايا الطعام، ونفايات دون أن يكلفوا أنفسهم بالقائها في حاويات القمامة.

– وأفرح لعجوز أو مريض يسند ظهره بأحد جدران المسجد العظيم أو أحد أعمدته ويتلو آيات من الذكر الحكيم بخشوع، وأتكدر عندما أرى بعضهم وقد وضع بجانبه أغراضاً تحجز مكاناً لرجل يحتاج الى اسناد ظهره الواهن في نفس المكان.

– وأفرح لرجل يرتاد المسجد بملابس نظيفة، وتعطر بعطور تنعش النفس، وتتكدر نفسي عندما أسجد في مكان وقف فيه شخص بجوارب متسخة، تنبعث منها روائح كريهة، فالتصقت بسجاد المسجد لتنبعث أمراضاً في رئتي ورئة من يسجد مكانها.

– تنبعث في نفسي غصة وأنا أرى أحدهم واضعاً أحد أصابعه في أنفه، ويمسح ما يخرج منه في أحد الأعمدة أو الجدران أو السجاد.

– أغبط من يتقدم الصفوف باتجاه المحراب طلباً للثواب، ولا تلبث نفسي تتكدر وأصاب بالغثيان عندما أرى خونة وباعة عقارات وأراضي يتقدمون الصفوف.

– أفرح وأرتاح لخطيب المسجد الأقصى وهو يلقي خطبته بإيمان وخشوع واضحين، وأفزع من معتمر للعمامة، ملتح، لابس جُبّة يخطب في بعض العامة واعظاً مرشداً وهو آكل للربا، محتال، مرتكب للموبقات السبع، و”يفتي” بأن “رقبة” الأرض تبقى عربية اسلامية بغض النظر عمن باعها واشتراها واستعملها.

– أفرح لتجهيز الأوقاف لمشارب باردة المياه، وفي أماكن مختلفة ليرتوي منها الظمآى والعطشى، ولتجهيز الحمامات وتوزيعها ونظافتها.

– أفرح لألوف الرجال والنساء من المثلث والجليل والنقب الذين يرتادون المسجد الأقصى للصلاة فيه وللتسوق من أسواق المدينة المقدسة المحاصرة، وأعجب من المقدسيين الذين لا يرتادون المسجد بما في ذلك أيام الجمعة.

– أفرح لرجال يستمعون لخطب الجمعة خاشعين، وأغضب من رجال يتهامسون ويتحدثون فلا يسمعون الخطبة، ولا يتركون غيرهم يسمعها.

– أفرح لرجال يؤمون المسجد مبكرين، يصلون النوافل، ويقرأون كتاب الله خاشعين وأُقهر من رجال يتواعدون في المسجد للبحث في بعض المشاكل، وتعلو أصواتهم دون مراعاة لحرمة المسجد ولحرية الآخرين في العبادة.

– أفرح لشاب يساعد أحد والديه العجوز في الوصول الى المسجد لتأدية الصلاة، وأغضب من شاب يزاحم عجوزاً أو مُقعداً في الدخول الى أو الخروج من المسجد.

– أغضب من رجال يتقدمون الصفوف، ويقاطعون خطيب المسجد لتبيان رأي حزبي لجماعة دينية فيثيرون الفوضى في الصلاة.

– أفرح لمؤمنين يبغون الاعتكاف في المسجد لأيام معدودات، وألعن المحتلين الذين لا يسمحون لهم بذلك.

– أشعر بسعادة عند زيارتي لمكتبة المسجد الأقصى التي تحتوي على عشرات آلاف الكتب القيمة وفي مختلف المواضع، وأشعر بالحزن عندما أرى قلة رواد هذه المكتبة.

-أشعر بمسّ بكرامتي وقمع لحريتي الشخصية والدينية عندما يغلق المحتلون مداخل القدس أمام المركبات المقدسية الفلسطينية، ويفتحونها أمام المستوطنين ليعربدوا في المدينة كيفماوأينما يشاؤون،وأفرح لعجائز يجمعون ما تبقى لهم من قوة للوصول الى المسجد الأقصى سيرا على الأقدام.

1-5-2010

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات