يوم الطفل العالمي

ي

يحتفل العالم ” اعلاميا ” على الأقل بيوم الطفل العالمي في الاول من حزيران كل عام ، وكأن للطفل  يوما في السنة فيه دعوة لرعايته فيه ، وان بقية ايام السنة لا علاقة لها بالطفولة ، وبما ان اطفال اليوم هم نساء ورجال الغد ، ومع ما تمثله الطفولة من براءة ، وما يمثله الاطفال من ” زينة الحياة الدنيا ” الا ان هذا الامر يدعونا الى التوقف امام الطفولة المعذبة والذبيحة في شرقنا الاوسط كوننا نعيش في هذا الشرق .

فنحن امام ظاهرة انتشار الأمية بين الاطفال ومن هم في سن الدراسة ، حيث ان عشرات ملايين الاطفال لا يتمتعون بحقهم البدهي في الالتحاق بالمدارس لاسباب كثيرة منها عدم وجود مدارس في مناطقهم ، أو للصراعات والحروب في هذه المناطق ، أو للتخلف الاجتماعي في مناطقهم ، وقبل المدارس هناك سوء رعاية الأمومة والطفولة أو انعدامها حيث يقضي ملايين الاطفال نحبهم وهم ” أجنّة ” في ارحام امهاتهم نتيجة لسوء التغذية أو لقلة الرعاية الصحية للمرأة الحامل . أو بعد ولادتهم حيث سوء التغذية وقلة الرعاية الصحية من ” طعومات ” وغيرها ومن تكتب له الحياة -ومع أن آخر ما يكون في حسابات الحكومات هو بناء الانسان – الذي يحلو للبعض ان يتغنى بأنه “أعز ما نملك” فإن الاهمال يبقى نصيبه، فإذا اهملنا ” أعز ما نملك ” ولو من باب ” ان فاقد الشيء لا يعطيه ” فإن مصيرا اسودا ينتظرنا كشعوب وكأوطان .

غير ان هناك امورا خارجة عن الارادة ، وان كانت بشكل وآخر نتائج حتمية لمقدمات نتحمل مسؤوليتها ، فلو نظرنا مثلا الى احوال الاطفال في فلسطين والعراق والصومال والسودان على سبيل المثال لا الحصر ،فإننا سنجد آلاف  ونتيجة للحروب والصراعات اللامتناهية آلاف الاطفال القتلى وملايين الاطفال الايتام من الأبوين أو من أحدهما ، ولوجدنا غالبية هؤلاء الأيتام مشردين بدون مأوى ، وبدون الراعي الذي يحفظ حقهم في الحياة وفي المأوى والمأكل والملبس ، وهي حقوق طبيعية لكل بني البشر ، وان كانت بشكل متفاوت ما بين شعب واخر .

كما ان بعض الاطفال يجبرون على خوض الحروب كمقاتلين دون رحمة طفولتهم ، كما لاحظنا ذلك في تقارير تلفزيونية في الصومال والسودان ، كما يجري استغلال الاطفال المحتاجين في الاعمال السوداء وبأجور متدنية ، ويجري استغلالهم أو استغلال بعضهم في مختلف الامور بما في ذلك الاستغلال الجنسي .

ومن المثير للاحباط والمثير للتقزز هو بعض الفتاوي التي تصدر في بعض دولنا العربية والاسلامية التي تبيح زواج الاطفال الاناث، بمن فيهم اللواتي هن دون سن العاشرة من رجال في مختلف الأعمار- في وقت أصبحت العنوسة بين الاناث تشكل ظاهرة في الدول التي تصدر منها هذه الفتاوي وتتم فيها هذه “الزيجات”- ، وهذه جرائم يتحملها البالغون وخصوصا من هم في موقع المسؤولية ، وضحاياها هم الاطفال الاناث ، اللواتي تذبح طفولتهن دون رحمة ، وقد تدفعهن الى عالم الجريمة والانحراف مستقبلا هن وابناؤهن .

واذا كان عالم الحيوان يوفر الحماية والرعاية من مأوى ومأكل والتدريب لصغاره ، وعلى ما فطرت عليه هذه الحيوانات ، فيا ليتنا نتعلم من عالم الحيوانات ، ونرحم اطفالنا من سطوة بعض البالغين الذين تجردوا من انسانيتهم ويلحقون الاذى بالاطفال .

ان من حق اطفالنا ان يعيشوا حياة كريمة تضمن لهم حق الحماية والحياة الكريمة كحق المسكن وحق المأكل والمشرب والرعاية الصحية ، وحق الدراسة والتعليم ، واذا كان ذوو الطفل غير قادرين على توفير ذلك ، أو غير موجودين لتوفيره ، فإن ذلك الحق يقع على الحكومات الاتي يجب ان ترعى رعاياها.

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات