الفتنة نائمة ولعن الله موقظها

ا

ما يجري في  بلادنا وخصوصا في القدس من بلطجة عشائرية أمر مثير للفزع،وكأن سياسة تهويد المدينة وما يجري فيها من تطهير عرقي ليسا كافيين،فالقدس مستهدفة بتاريخها وحضارتها وجغرافيتها وحضارتها وانسانها،ولا يخفى على احد ما تعانيه المدينة المقدسة  من مشاكل تستهدف الوجود العربي فيها،فسلسة الاجراءات المستمرة في المدينة خلال سنوات الاحتلال ساعدت على تفكيك البنى الاجتماعية والاقتصادية في المدينة ،وادخلت المواطنين في دوائر متداخلة من المشاكل ما ان تخرج من دائرة حتى تدخل دوائر اخرى اكثر تعقيدا،لكن المفزع والمحزن في الوقت نفسه هو دائرة الصراعات العائلية والعشائرية التي بدأت تبرز بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة،فهناك شباب طائش لم يأخذ حظه الكافي من التعليم لاسباب ومعوقات كثيرة لسنا في مجال سردها الآن،فكانوا فريسة للجهل والتخلف ،والوقوع في براثن الانحراف من تعاطي المخدرات وغيرها من الموبقات،يساعدهم في ذلك غياب القيم  الحميدة من دين وعادات وتقاليد التي تسود في مجتمعنا،لكن اللافت وغير المقبول في كل الحالات والظروف هو انجرار من يعتبرون انفسهم عقلاء ووجهاء خلف من يفتعلون المشاكل والنزاعات لعصبيات جاهلية وجاهلة متسابقين في الدفاع عمن افتعلوا المشاكل والاعتداءات على الآخرين، بدلا من حصرها ومحاصرتها واجتثاثها،فتكون النتائج وبالا على الجميع،بما تلحقه من خسائر بشرية ومادية،وبالتأكيد ان الجميع خاسرون،ولا أحد رابح مع انه في الغالب ما تكون الخسائر من نصيب من هم ليسوا طرفا في هذه النزاعات البغيضة،بينما الجناة يبقون طلقاء ليواصلوا غيّهم وضلالهم، وليواصلوا اشعال نار الفتنة التي لا ينجوا من لهيبها أحد.

ان الفتنة نائمة ولعن الله موقظها،ولعن مغذيها ولعن من لا يعمل على احتوائها والقضاء عليها وهو قادر على ذلك.

ان الحكمة والعقل تتطلبان وأد الفتن في مهدها…ومعاقبة  مشعلي الفتن والنزاعات الذين يعتمدون على عضلاتهم في تسيير امور حياتهم،ويغيبون العقل ان كانت لهم عقول تسعفهم…وهذا يتطلب لقاءات بين ذوي العقول النيرة والمدركين لمخاطر الامور كي يضعوا النقاط على الحروف،وكي يتفقوا على ميثاق شرف لحصر النزاعات العائلية والعشائرية في أضيق نطاق والعمل على اجتثاثها واجتثاث مسبباتها،ومعاقبة مرتكبيها،فنحن ورثة حضارة عريقة ولنا في رسولنا العظيم صلوات الله وسلامه عليه قدوة حسنة وهو القائل”انصر اخاك ظالما او مظلوما”وعندما سئل كيف ننصره ظالما؟اجاب:”ان تردعه عن ظلمه”فردع الظالم عن ظلمه نصرة ونصرا له.واذا ما وضعنا النزاعات العائلية والعشائرية تحت المجهر فاننا سنجد اسبابها تافهة الى درجة التقزز،وانها تحصل بين الاخوة والاقارب والجيران والنسايب وابناء الشعب الواحد،أي لا مبرر لتغذيتها والاستمرار فيها..ونتائجها تدميرية على الجميع،وملعون من يغذيها ويساعد على استمراريتها..

واذا ما كان هناك جهلة ومندسون ومارقون من ابناء شعبنا فان الساحة ليست خالية من العلماء والحكماء والمثقفين والوجهاء الخيرين،ومن الكوارث غير محمودة العواقب ان يتخلى هؤلاء عن دورهم في حصر الفتن والنزاعات مهما كانت اسبابها،ويأتي دور وسائل الاعلام والمثقفين والعقلاء والوجهاء وأئمة المساجد في توعية عامة الناس بمخاطر الفتن والنزاعات التي تفرق ولا توحد،دون ان تأخذهم في ذلك لومة لائم،فهل من يسمع؟

26-1-2010  

 

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات