الجحيم

ا

لاقامة مستوطنة ” مفسرت أدوميم ” ما بين الخان الأحمر والقدس ، يعتبر بمثابة رصاصة الرحمة المطلقة على العملية السملية كما قال السيد احمد قريع رئيس الوفد الفلسطيني المفاوض . علما ان اسرائيل قد اشبعت العملية السلمية تعذيبا وتنكيلا من خلال الاستيطان بشكل متسارع وجنوني منذ اتفاقات اوسلو الموقعة في ايلول 1993 وحتى الان ، فقد تضاعف البناء الاستيطاني عشرات المرات لان اسرائيل تسابق الزمن في فرض حقائق على الأرض تمنع اقامة دولة فلسطينية في الاراضي المحتلة عام 1967 مستقبلا. فقد زاد عدد المستوطنين في هذه الاراضي عن نصف مليون مستوطن ، منهم حوالي مائتين وخمسين الف مستوطن في القدس الشرقية المحتلة ، التي ضمتها اسرائيل اليها في 28-6 19967 من جانب واحد بقرار من الكنيست الاسرائيلي في مخالفة واضحة لقرارات مجلس الامن الدولي ، وللقانون الدولي ولاتفاقات جينيف الرابعة بخصوص الاراضي التي تقع تحت الاحتلال العسكري ، وقبل كل ذلك دون ادارة ابناء الشعب الفلسطيني خصوصا المقدسيين منهم .

ومعروف ان اسرائيل قد عزلت شمال الضفة الغربية عن جنوبها بشكل شبه كامل منذ اغلاق المدينة المقدسة في اواخر اذار – مارس – 1993 بحيث اصبحت المسافة بين رام الله اقرب مدينة الى القدس من الشمال – عن بيت لحم – اقرب مدينة الى القدس من الجنوب تزيد عن ثمانين كيلو متر بدل ثلاثين كيلو متر قبل اغلاق القدس، وجزء من الطريق والمتمثل بطريق واد النار لا يصلح لسير المركبات حسب المواصفات الدولية للشوارع ، وذلك لشدة انحداره .

ويأتي المشروع الاستيطاني الجديد لزيادة هذا العزل بين شمال الضفة الغربية وجنوبها بطريقة وحشية كما وصفها السيد ابو علاء ، فبدلا من ان تكون طريق العزل كما هي الآن وبعد عزل القدس – رام الله – مخيم قلنديا – الرام – جبع – حزما جنوب عناتا – الخان الاحمر – العيزرية – ابو ديس – السواحرة الشرقية – العبيدية – بيت لحم – بيت ساحور – بيت لحم. ومن ثمّ الانطلاق جنوبا الى الخليل وغيرها من المناطق في الجنوب ،فإن الطريق سيتحول من جبع الى مخماس الى اريحا ولا طريق يوصل الى مناطق جنوب القدس مثل بيت لحم وغيرها ، ولتلافي هذه القضية فإن المحتلين شرعوا بشق طريق ما يسمى نسيج الحياة الذي يمر عبر براري السواحرة باتجاه النبي موسى الى مخماس ، وهذا يزيد المسافة ما بين رام الله وبيت لحم الى ما يزيد عن 120 كيلو متر ، وتتم مصادرة وتدمير اكثر من مائة الف دونم ، يضاف اليها مئات آلاف الدونمات التي ستعزلها جدران التوسع الاحتلالي لصالح المستوطنات، في حين يزيد القدس عزلة على عزلتها عن محيطها الفلسطيني وامتدادها العربي .

كما انه يجعل من بعض القرى والبلدات الفلسطينية سجونا معزولة تماما مثل قرى العيزرية ، ابو ديس ، والسواحرة الشرقية والشيخ سعد التي ستصبح ” كانتونا ” لا يسمح بالدخول اليه او الخروج منه الا عبر بوابات يحرسها جنود الاحتلال، في حين ان قرية الزعيم ستصبح ايضا محاصرة من جميع الجهات بالمستوطنات، واذا ما أضفنا الى ذلك البناء الاستيطاني المستمر في بقية مستوطنات القدس ، وبقية المستوطنات في الضفة الغربية فإن المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية اصبحت جيوبا تحيطها المستوطنات ، ويمزقها اكثر من سبعمائة حاجز عسكري ، مما حول حياة المواطنين الفلسطينيين الى جحيم لا يطاق ، عدا عن مصادرة اراضيهم زقطع أرزاقهم، وعدا عن اعتداءات المستوطنين وعربدتهم التي تتم تحت حماية الجيش الاسرائيلي .

والمراقب لما يجري في الضفة الغربية وجوهرتها القدس من عمليات استيطانية سيجد نفسه امام حرب مفتوحة تشنها اسرائيل بلا هوادة على الشعب الفلسطيني ، وتوجتها بحربها الاجرامية على قطاع غزة واستهدافها المدنيين الفلسطنييين والمؤسسات المدنية الفلسطينية والدولية ، واستعمالها لأسلحة محرمة دوليا .

وما حديث القادة الاسرائيليين عن السلام الا من باب العلاقات العامة ، وضمن دبلوماسية ادارة الصراع لكسب الرأي العام الدولي لجانبها في ظل غياب العرب من التاريخ الحديث، وكل تصرفاتها واعمالها على الارض تثبت عكس دعايتها التي اقل ما يقال عنها انها كاذبة .

ومن هنا فإن استمرار المفاوضات يشكل عبثية تعطي للاحتلال الفرصة لتنفيذ سياساته التوسعية ، وللخروج من هذا المأزق فإن اي استئناف للمفاوضات يجب ان يكون مقرونا بوقف الاستيطان بشكل كامل ، وهذا يتطلب اعادة اللحمة الى الصف الفلسطيني واعداة تفعيل دور منظمة التحرير الفلسطينية ومؤساساتها باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني .

كما يتطلب تفعيل المبادرة العربية وتسويقها ، والتعامل مع الدول الاخرى خصوصا ذات التأثير الدولي من باب المصالح لتحقيق الاهداف العربية السياسية وفي مقدمتها الحلّ السلمي والعادل للصراع العربي الاسرائيلي، والذي يتضمن تمكين الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير مصيره ،واقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس الشريف، بعد كنس الاحتال وكافة مخلفاته ، وايجاد حلّ عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين حسب قرارات الشرعية الدولية.

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات