في كل يوم كتاب

ف

عندما أعلنت وزيرة الثقافة السابقة في سلطتنا الوطنية أنه سيطبع في كل يوم كتاب في العام 2009 عام القدس عاصمة الثقافة العربية ، استبشر الكتاب والأدباء والمثقفون خيرا خصوصاً وأن الأراضي الفلسطينية تعاني من قلة دور النشر، وإن وجدت بعض دور النشر فإنها في غالبيتها تتبع لفصيل سياسي، أوتمول من جهات أجنبية تدعي حرصها على الثقافة الفلسطينية العربية، وفي كلتا الحالتين فإن النشر في هذه الدور يخضع لمقاييس ومعايير يكون الابداع والمصداقية آخرها ان لم يكن وارداً بالحسبان، مع الاحترام والتقدير لبعض الابداعات الخلاقة التي تم نشرها، لكن الذي يطغى في اختيار النصوص المنشورة هو مدى(محسوبية) الكاتب على فصيل معين له علاقة وأخرى بدار النشر، أو مدى العلاقات الشخصية مع المسؤولين عن بعض دور النشر، فإن لم يكن الكاتب محسوباً على هذه أو تلك فإنه لن يحظى بنشر كتابه .

ويتضح أن بعض(لجان القراءة) التي تعتمدها بعض دور النشر تتخذ المواقف نفسها من عملية النشر، فمدى صلة الكاتب بأحد أعضاء لجنة القراءة في دار نشر معينة سواء كانت هذه الصلة توافقاً في الاتجاه السياسي، أو صداقة شخصية هي صاحبة الرأي الحاسم في اقرار عملية النشر أو عدمه، وهذا ما حصل معي، على أرض الواقع، فعندما عرضت روايتي(عش الدبابير) للفتيات والفتيان على احدى دور النشر في رام الله سرعان ما جاءني الرد بأن لجنة القراءة قد اعتبرتها غير صالحة للنشر، ودون الافصاح عن أسماء أعضاء اللجنة، وطبعاً أنا لا أعلم ان كانت عرضت حقيقة على لجنة قراءة أم لا، لكن هذا هو الجواب الذي تلقيته، فشكرتهم وعرضتها على دار نشر أخرى ولم أتلق جواباً لا ايجاباً ولا سلباً، وبعد مضي حوالي العام، تيقنت أن قلة الردّ ردّ. فنشرتها على أحد المواقع الاكترونية، فجاءني عرض من دار الهدى في كفر قرع في الداخل الفلسطيني بنشرها، فوافقت وتم نشرها في تموز 2007 علماً بأنني حتى الآن لا أعرف صاحب الدار، ولا أعرف لجنة القراءة التي أقرتها، وان علمت لاحقاً من خلال تلميح أحد الأدباء الذي يحمل شهادة الدكتوراه في أدب الطفل أنه كان له دور في نشرها، وبموافقة شخصين آخرين يحملان الدكتوراة في الأدب، ولهما باع طويل في مجال الأدب، ولم أتشرف بمعرفتهما شخصياً، فحمدت الله أنه لا يزال في شعبي خير، وخيرّون.وبعد صدورها كتب عنها أكثر من عشرة أدباء أشادوا جميعهم بها.

واذا ما عدنا الى شعار(في كل يوم كتاب)الذي لم ير النور، فإن عدد الكتب التي نشرت هذا العام، لم تصل الى(كل أسبوع كتاب) مع أن اللجنة الوطنية للقدس عاصمة الثقافة العربية عام 2009 دعمت مؤسسات بمبالغ كبيرة نسبياً ، ومع معرفتنا المسبقة بالمشاكل والعوائق خصوصاً مشاكل التمويل التي تواجهها اللجنة، الا أن دعم نشر النتاج الابداعي للكتاب لم يحظ بالاهتمام اللائق. مع انقضاء نصف العام 2009 ونأمل أن لا يكون نصيب النصف الثاني مثل شقيقه المنصرم .

وعلى سبيل المثال فإن ندوة اليوم السابع الأسبوعية الدورية في المسرح الوطني الفلسطيني في القدس، والتي تعقد مساء كل يوم خميس منذ العام 1991 وحتى الآن ، وهي الندوة الثقافية الوحيدة الممؤسسة في القدس، خططت لاصدار ثلاثة كتب شهرياً لكتاب مقدسيين، ومن ضمنهم رواد الندوة، لكن كتاباً واحداً لم يصدر عنها لضيق ذات اليد، علماً أنها تقدمت بطلبات لذلك، ومن اللافت للانتباه أن الروائية المقدسية ديمة السمان التي افتتحت باب الرواية الفلسطينية والعربية عن القدس الشريف بروايتها(برج اللقلق) لم تجد من ينشر روايتها الا الهيئة المصرية العامة للكتاب في القاهرة، ونشرت روايتها في القاهرة عام2005 ولم تنشر في القدسحتى الآن، ولم تدخل فلسطين إلا بأعداد بسيطة مع بعض الأفراد، ونحن إذ نشكر الهيئة المصرية العامة للكتاب، ونشكر أشقاءنا في مصرعلى دعمهم لشعبنا، إلا أن ذلك لا يعني أن لا تنشر الرواية في فلسطين .

ويلاحظ أن بعض الأدباء الفلسطينيين المعروفين في العالم العربي ، خصوصاً من الأخوة العائدين أو من المبعدين العائدين، أو ممن لهم مناصب رفيعة قد وجدوا من ينشر لهم ابداعاتهم في عمان وبيروت، وهذا أمر جيد، لكن السؤال يبقى : أين النشر في فلسطين؟؟ خصوصاً في الضفة الغربية وجوهرتها القدس؟؟ وفي قطاع غزة ؟؟ أم أن الابداع الأدبي لا علاقة له بالثقافة؟ وقد تكون وزارة الثقافة تعاني مشاكل مادية ، لكنها مطالبة بتخصيص مبالغ مجزية لعملية نشر الابداع المحلي، وخصوصاً في هذا العام الذي يحتفل به بالقدس عاصمة للثقافة العربية.  

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات