فوز أوباما وخسارة الجمهوريين

ف

الفوز الساحق الذي حققه باراك أوباما في انتخابات الرئاسة الأمريكية لم تقتصر فرحته على الشعب الأمريكي فقط ، بل تعدته الى كافة أرجاء العالم ، فالانتخابات الأمريكية ليست شأناً داخلياً كما هو حال الانتخابات في مختلف دول العالم ، وذلك لأن الولايات المتحدة –  كونها القوة الأعظم في العالم عسكرياً واقتصادياً – باتت تتحكم بمصير العالم ، وخصوصاً بعد انهيار الاتحاد السوفييتي ومجموعة الدول الاشتراكية في العام 1991 .

ومع المعرفة المسبقة بأن أمريكا دولة مؤسسات ، ودولة قانون وهذه هي الحاكمة في أمريكا الا أن للرئيس دوره في رسم وتنفيذ هذه السياسات ، والفرحة بانتصار أوباما ليس نابعاً من أصوله الأفريقية، ولا من لون بشرته السوداء بقدر ما هي فرحة بالخلاص من المحافظين الجدد الذي أوصلوا رئيساً غبياً وأرعناً مثل جورج بوش الى البيت الأبيض، وسيثبت التاريخ أن هذا الرئيس هو الأسوأ في تاريخ أمريكا، والأكثر غباء وتهوراً واجراماً ، فلم يقتصر دوره على تخريب وتدمير الاقتصاد الأمريكي بل تعداه الى تدمير الاقتصاد العالمي ، عدا عن أن فترة حكمه تميزت بحروب ناواصلة وغير مبررة ، وتدخلات عدوانية في الشؤون الداخلية لدول عديدة ، فقد قام باحتلال العراق وأفغانستان ودمرهما تدميراً مروعاً ، وقتل ملايين المدنيين منهما ، اضافة الى تدخلاته وعدوانيته في دول أخرى مثل الصومال .

وبلغ به الجنون الى درجة تجميد دور الأمم المتحدة ، ومحاولته تجنيد الدول الأخرى للمشاركة في حروبه العدوانية ، فقد غزا العراق وأفغانستان في مخالفة واضحة للقانون الدولي ولقرارات مجلس الأمن الدولي ، وجند بعض الدول لمشاركته في هذه الحروب ولو بشكل رمزي لاعطائها الصبغة الدولية ، بل انه لم يتقبل حتى الحياد من هذه الحروب ، فكان شعاره ” من ليس معنا فهو ضدنا ” وهي مقولة فاشية بكل المقاييس .

وبالتأكيد فإن غباء جورج دبليو بوش وسياساته الحمقاء كان الداعم لذكاء باراك أوباما في النجاح للوصول الى البيت الأبيض، بمقدار ما كان السبب الرئيسي لخسارة الحزب الجمهوري . وما وصول أوباما الى البيت الأبيض الا اشارة واضحة من الشعب الأمريكي لمدى القرف والتقزز من سياسة جورج بوش والمحافظين الجدد ، ومع كل هذا الفوز الذي يبرهن على التحولات الكبيرة لدى الشعب الأمريكي في نظره الى السياستين الداخلية والخارجية ، مع أن التربية العنصرية لا تزال وستبقى ملحوظة في الشارع الأمريكي .

ومع أننا لا نتوقع الكثير من أوباما خصوصاً فيما يتعلق بالصراع العربي الاسرائيلي ، والصراع الشرق أوسطي الا أن الخلاص من بوش الصغير والمحافظين الجدد هو مكسب كبير للشعب الأمريكي وللعالم أجمع ، مع أن حتمية الأوضاع كانت تلح على هذا التغيير لانقاذ العالم والبشرية من فوضى ودمار كان بطله بدون منافس الرئيس جورج دبليو بوش .

ولا يملك الانسان الا أن يقف اعجاباً للديمقراطية الأمريكية وللقانون الأمريكي اللذين أوصلا ابن أحد المهاجرين من كينيا تلك الدولة الافريقية الفقيرة الى عرش البيت الأبيض ، في حين أن بعض العائلات المتواجدة في بعض بلداننا العربية منذ آلاف السنين لا يزالون ” بدون ” أي بدون جنسية أو حق المواطنة .

ولا شكّ أن هذه الانتخابات تاريخية بكل ما تعنيه الكلمة،فقد أوصلت أول رئيس أسود الى البيت الأبيض،وأوقفت جنون المحافظين الجدد الذين تعدوا كلّ الخطوط الحمراء في سياساتهم الداخلية والخارجية.

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات