غفرانك ربّي

غ

الاساءات التي بثتها قناة التلفزة الاسرائيلية العاشرة في الايام القليلة الماضية والتي تحمل اساءات للمسيح عليه السلام ولوالدته مريم العذراء ، وما تبعها من اساءات لخاتم النبيين صلوات الله وسلامه عليه ، وسط ضحك الجمهور ، لا تأتي من باب حرية الرأي بأي شكل من الأشكال . بل هي تعبير فاضح عن ثقافة العداء للديانات السماوية المتمثلة في المسيحية والاسلام ، حيث لا تعترف اليهودية بهاتين الديانتين .

وثقافة العداء للديانات السماوية بشكل عام وللاسلام بشكل خاص ليست جديدة في الساحة الاسرائيلية ، فقد سبق قبل عدة سنوات أن ألقى متطرفون يهود برأس خنزير مكتوب عليه اسم الرسول محمد صلوات الله وسلامه عليه في جامع حسن بيك في يافا ، وتعرض هذا الجامع لعدة اعتداءات منها تفجير مئذنته . كما تم تدمير مئات المقابر الاسلامية مع القرى العربية المهدمة في اسرائيل ، ومن هذه المقابر مقبرة ” طاسو ” في يافا ، ومقبرة مأمن الله ” ما ميللا ” الشهيرة في القدس ، كما أن بعض المساجد التي لم تهدم تستعمل حظائر للأبقار وللخيول ، وهذه التصرفات وغيرها إن دلَت على شيء فإنما تدل على مدى الاستهتار بالمشاعر الدينية للمسلمين خاصة وللمؤمنين كافة .

وكانت ايضا الرسومات المسيئة للرسول محمد عليه الصلاة والسلام في صحيفة دنماركية واكثر من صحيفة اوروبية .

وفي الحرب التي شنها الرئيس الامريكي السابق جورج دبليو بوش على المسلمين والاسلام تم تأليف كتاب مسخ باسم ” الفرقان ” طبع بحروف كوفية مشكولة على غرار المصحف الشريف لتكون بديلا له .

وهذه الاساءات وغيرها تحمل في طياتها أبعادا سياسية استعمارية واخلاقية لخلق تطرف اسلامي ، وردود فعل اسلامية متطرفة لتكون ذرائع ومبررات لمزيد من الحروب العسكرية والاعلامية .

وللتذكير فقط فإن جهالة حركة طالبان في محاولاتها لتدمير بعض التماثيل والمعابد البوذية لقيت تنديدا شديدا من العالم أجمع ، وأول من أدان هذا التصرف الأرعن هو علماء المسلمين ، فلماذا يتم السكوت عن الاساءة للرموز الدينية الاسلامية والمسيحية ؟؟

ان من يزعمون أن هكذا تصرفات حمقاء تدخل في باب حرية  التعبير عن الرأي ، انما يؤكدون من جديد أنهم ينظرون الى الحريات والى حقوق الانسان بمنظارين ، ويكيلون بمكيالين كما هو ديدنهم في الجرائم التي ترتكب في العالم . حتى انهم يجعلون من الضحية جلادا ، ومن الجلاد ضحية كما هو الحال في الصراع العربي الاسرائيلي ، وفي غيره من الصراعات .

فهل يسمح دعاة ” الحرية ” بالاساءة الى معتقداتهم ، أو حتى الى بعض الشخصيات المبدعة في مجال من المجالات ؟؟ فبالتأكيد انهم لا يسمحون بذلك ، ولكنهم يسمحون بالاساءة الى المشاعر الدينية لآلاف الملايين من البشر ، من خلال الاساءة الى الرموز الدينية .

والقضية هنا ليست قضية ايمان وكفر بمقدار ما هي قضية اخلاقية ، فمرتكبو جرائم الاساءة الى الديانات والرموز الدينية انما يتخلون عن الاخلاق الحميدة التي يفترض أن يتحلى بها كل انسان سوي بغض النظر عن ديانته أو جنسه أو لونه ، وذلك بعدم الاساءة الى الآخرين ، وهم يعلمون حق العلم بأن حرية أيّ شخص تنتهي عندما تبدأ حرية غيره ، ومع ذلك فهم يرتكبون جرائمهم وحماقاتهم هذه للاساءة للآخرين مع سبق الإصرار والترصد ، ومن هنا تنبع خطورتهم ، ومن هنا يجب إيقافهم عند حدودهم ، بل تجب محاكمتهم ، ويوجد هناك دول عندها قوانين تحاكم بها  من ” يمسّ بالمقامات العليا ” والمقامات العليا هنا هم بشر يتبوأون مراكز عليا في دولهم . فما بالكم اذا كان المسّ بالذات الإلهية  وبالانبياء وبالرسل.

 

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات