ديوان شواطئ اللظى في اليوم السابع

د

ديوان شواطئ اللظى في اليوم السابع
القدس: 11-10-2018 ناقشت ندوة اليوم السابع في المسرح الوطني الفلسطيني في القدس ديوان”” شواطئ اللظى” للشاعر المقدسي نعيم عليان. يقع الديوان الذي لم يصدر عن دار نشر في 100 صفحة من الحجم المتوسط.
ممّا يذكر أنّ الشاعر عليان المولود في قرية بيت صفافا يكتب قصيدة النثر، وقد سبق وصدرت له أربعة دواوين هي: “نقش الريح”، “رقص الضوء”، أجنحة الأنين” و”حروف على أشرعة السحاب”.
افتتح النقاش جميل السلحوت فقال:
من تابع اصدارات نعيم عليان سيجد أنّه يطوّر أدواته الشّعريّة بشكل مستمرّ، ففي هذا الدّيوان تظهر الموسيقى والإيقاع بشكل جليّ، وكذلك الصّورة الشّعريّة، ممّا يعني أنّ شاعرنا في ديوانه الخامس هذا ينضمّ بقوّة لنادي كتّاب قصيدة النّثر.
وقالت هدى عثمان أبو غوش:
تمحورت مضمون قصائده حول الحنين والاشتياق إلى الحبيبة، وما بين نقده الرّمزي للظلم في بلاد العرب.
“شواطئ اللّظى ” العنوان مأخوذ من قصيدة لمجموعة قصائده في الدّيوان. فاللّظى معناها في المعجم الوسيط لهب النّار الخالص لا دخان فيه، وهو اسم من أسماء جهنّم، وبما أنّ معظم قصائده ذات اتجاه عاطفيّ؛ فإنّ العنوان لا يتناسب مع المضمون العاطفيّ بالرّغم من استخدام الشّاعر لمفردة الشاطئ أكثر من مرة.
تبدو العاطفة متأرجحة في قصائده مابين القوّة والضعف، مثل”الفطام” “الوثاق” “السّاقيّة”نلمس مشاعر العاطفة وتدفقها بقوّة مقارنة بالقصائد الأُخرى ،حيث لم يستخدم الشّاعرفي تعبيره عن الحبّ ألفاظا تثير وجدان المتلقي، بل عبّر عنها بوصف عام من خلال الطبيعة .
تميّز أُسلوب الشّاعر بسهولة الألفاظ وبساطة اللّغة وقلّة الألفاظ الصعبة وغياب القافيّة، وقد كان تفاوت في بعض القصائد في قوتها من حيث الصور البديعيّة، وقد برزت الطبيعة بشكل لافت “البحر، البحيّرة، الشّمس، القمر، الشواطىء، الصحراء، الثلج ، العندليب….الخ.”
كرّر الشّاعر ألفاظ العنتر والأُكذوبة مرتيّن، ففي قصيدة “الفطام” جاء قوله :”والعنتر في جوفي أُكذوبة”.
بينما حملت هذه الجملة عنوان القصيدة في”أُكذوبة هذا العنتر”.
إستخدم الشّاعر تناصا من القرآن والحديث، ففي قصيدة “مسرح الدّمى”إستخدم التعابير “تغدو خماصا وتروح بطانا” وقد جاء في الحديث” لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصا وتروح بطانا”.
وفي قصيدة “أُكذوبة هذا العنتر”يبدو التناص من القرآن الكريم. حيث استخدم التعبير “كسراب بقيعة” وقد ذكرت في سورة النّور آية38.”والّذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة”.
وقالت هدى خوجا:
احتوى الديوان على عدّة أشعار منها: عتبة بحر، الذّاكرة، جوف ناي، وشواطئ اللظى في صفحة 57 من الكتاب وينتهي في البتول .
الاسم شواطئ اللّظى، حبذا لو كان العنوان شواطئ كلمة واحدة معبّرة دون اللّظى،
“اللّظى” ثقيلة في اللفظ وغير رنّانة للشعر.
ألوان الغلاف مناسبة ومتوافقة مع العنوان؛ وهي ألوان الأخضر الفاتح والدّاكن والبرتقالي والأصفر .
يبدأ الشّعر باسم عتبة ثم يتبعه عتبات الجفون الذي يهدي به باقة من الزّهر مع كنز الكلمات المحفورة في عروقه، وصهيل العواصف في عتم الشّتاء.
“كان شتاء ليس فيه سوى أنت وأنا) ص13، حيث جاءت كلمة أنت قبل أنا دلالة على شدّة الإيثار لأنت قبل الأنا، والبعد عن النّرجسيّة والأنانيّة وتفضيل الآخر.
يتسم هذا الشعر بالبساطة والمرونة والجمال .
في سورة المحبين تشبيهات متنوعة منها “إن شئت فازرعيني نخلة، أو ثورة،
أو ياسمينا.”ص16
لماذا نخلة ألأنها منتصبة القامة!
أم ثورة لنبذ الظلم والفساد والتغيير الجذري البناء
أم ياسمينا أبيض ناصع الاخلاص بنقاء وصفاء.
أمّا في وجوه المحبين وجهي
“كل الورود وجوه للمحبين
في وطني” ص38
“فتغيب حروفي كالعصافير، وأوراق الرّبيع، ورذاذ اللّيل)ص41
ونجد تكرارا محبذا لكلمة سيّدتي” واختبئي وراء جرحي. سيّدتي) ص39، حيث تتمازج الأبيات مع الرّبيع وأنغام فيروزيات الصّباح مع ورود المحبين.
ماذا أريد أن تكوني؟
كوني نجمة قصيدة مدرسة يريدها” شوقي”ص47
وما هي صفاتك سيّتي وأجمل الصّفات التي تليق بحبك؟
نجد الاجابة في قصيدة أناقة”
“أنيقة أنت..في الغياب كما في الحضور؛ أنيقة أنت والحب قيثار)ص51
وفي النهاية قصيدة بتول حيث يولد طفل؛ في يده ناقوس وقلم ومفتاح من الإصرار.
وكتب عبدالله دعيس:
“شواطئ اللظى” عنوان صادم، يتوسّط صورة غلاف، فيه نيران مشتعلة بلا نور يبدّد الظلام. فهل سيقف القارئ على هذا الشاطئ الملتهب؟ وهل سيبحر فيه؟ أم سينتظر المزن؛ لتمطره شآبيب غيث، فينقلب شاطئا دافئا يبحر فيه العاشقون؟ أم ربما شواطئ اللظى هي شواطئ الوطن عصيّة على الغزاة، تصليهم سعيرها إن هم وطأتها أقدامهم؟
ما أن نطالع القصائد حتّى نرى الشاعر يحترف الوقوف على العتبات والحوافّ والشواطئ، ينظر خلفه، يستعيد الذكريات، لكنّه لا يغفل عن أدران الماضي وأشجانه، ويبقى على العتبة لا يستطيع أن يتخطّاها. يرى الضوء والحرية والانعتاق في الأفق، إلا أنّ دونها ضبابا ولظى ووثاقا وظلاما وليلا حالكا وحصونا وحقول ألغام ورمال صحراء متحرّكة. وإن كانت ذكريات الماضي تبدو جميلة، إلا أنّ الحاضر القاتم ما هو إلا صورة لهذا الماضي. فما زال الجبن يسكن النّفوس، والعنتريّات الجوفاء تطغى على الشجاعة الحقيقيّة، وما زالت أمّة العرب على عتبة الفطام، ترزح في أغلال العبوديّة وتنادي أَعلِ “هبل”، فلم يستطع النّور يوما أن يطغى على دياجير الظلام، وأن يبدّد بقايا جاهليّة تتفاقم كلّما هبّت رياح التّغير، فما أن تحاول أن تتجاوز عتبة القيود، حتّى تندحر إلى الوراء وتغلبها طبيعة الجبن والتتردد. ويرى الشّاعر أن حال بلاد العرب كمسرح دّمى بائس، تحرّكها أصابع خفيّة، لتنسج مسرحيّة هزيلة عنوانها الألم والحسرة وعدم الثقة بالمستقبل.
ولكن، هل ما زال نعيم عليّان يقف على عتبة الشّعر، أم اخترق ركام الضباب وارتقى بقصائده ونصوصه؟ أرى أنّه ولج عالمه وبات ثابت الخطى في جنباته. فنصوصه في هذا الديوان تفوق ما كتب في كتبه السّابقة، من حيث جودة الصور الشعرية، والموسيقى والتأثير الشعوري على المتلقّي. فقد ابتعد الشاعر في هذه القصائد عن الصورة النافرة التي كانت تتكرّر في بعض نصوصه السابقة، وارتقى بلغته، وبرزت الموسيقى في قصائده، وحملت القصائد مشاعر وهموما وأفكارا اضطرمت في نفسه، وصاغها بأسلوب محبّب لقرّائه.
تأمّل قوله صفحة 37:
يعانق الحبّ وجه الأرض.
يبذر الفلاح قصادئه
فيأخذ الطير حصّته
فيشدو في الجوّ أنغاما.
وقارنه بقوله في ديوان سابق (طير ينقر وجه الشّمس) لتدرك أن نعيم عليّان قد بدأ يحلّق فعلا في عالم الكلمات المؤثّرة الجميلة.
ويعمد الكاتب إلى التّناص الديني، مع الآيات الكريمة والأحاديث الشّريفة، مما يثري قصائده، فيقول مثلا:
وطيور بعمر الزهور-
تغدو خماصا
وتعود بطانا.
في تناصّ واضح مع الحديث الشريف.
ونلمح في ثنايا القصائد روحا صوفيّة، تتجلّى فيها فكرة الحلول: فالشاعر يندمج مع الوطن والحاضر والماضي والطّبيعة، ويحلّق في أرجاء الكون الفسيح دون أن يغادر عتبته القابع عندها، ينظر إلى الشاطئ الملتهب وإلى المزن تتأهّب للهطول، ثمّ تنطلق بعيدا، وتترك شواطئ اللظى ملتهبة، تستعصي على الغزاة، لكنّها تحرق أشرعتنا إن هممنا بالإبحار إلى عالم الحريّة والانطلاق.
وشارك في النقاش الدكتور عزالدين أبو ميزر، والدكتور الشاعر محمد حلمي الريشة الذي تحدث باستفاضة عن فلسفة الشّعر وعن القصيدة بالنّثر.

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات