رسائل نتنياهو للعرب

ر

واضح ان قادة اسرائيل قادرون على ادارة الصراع الشرق أوسطي بامتياز،فالحديث عن استئناف المفاوضات- سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة – بصرف النظر عن جوهر الصراع، وهو الاحتلال الاسرائيلي للاراضي العربية، يهدف الى تكريس هذا الاحتلال من خلال فرض حقائق على الارض تتمثل في الاستيطان المستمر،وتمزيق اشلاء الارض التي من المفترض ان تقوم عليها الدولة الفلسطينية.

وحكومة نتينياهو اليمينية من اكثر الحكومات الاسرائيلية وضوحا في فهمها للسلام الذي تريده،والذي يتمثل في(السلام الاقتصادي)حسب فهم نتينياهو،من خلال تحسين الاوضاع الاقتصادية للشعب الفلسطيني في الاراضي المحتلة،واقامة علاقات اقتصادية كاملة مع الدولة العربية،واعطاء الفلسطينيين ادارة مدنية على السكان وليس على الارض.

ولمن لا يفهم من العرب مخططات وسياسة نتينياهو مع انها مكتوبة بالقلم العريض في كتابه” a place between nations”والمترجم الى العربية تحت عنوان (مكان تحت الشمس)كما انها صريحة في تصريحاته السياسية والصحفية،وفي مختلف الأمكنة والأزمنة،ونتينياهو الذي يدعو الى استئناف المفاوضات فإن حكومته تعلن على رؤوس الأشهاد عن اقرار الحكومة لاقامة ابنية استيطانية جديدة في الضفة الغربية والقدس تحديدا،وهذا ما كافأ به لجنة المتابعة العربية المنبثقة عن مؤتمر وزراء الخارجية العرب،والتي دعت الى استئناف المفاوضات غير المباشرة لمدة اربعة شهور، فردت عليهم حكومة نتينياهو بالاعلان عن المزيد من البناء الاستيطاني،حتى وصلت القضية الى اقرار بناء ثلاثين الف وحدة سكنية جديدة في القدس الشرقية المحتلة،مصاحبا لاغلاق باب العامود،الباب الرئيس للقدس القديمة المحاطة بسورها التاريخي،بحجة اعادة ترميم واصلاح البنى التحتية،واعداد باب الخليل ليكون الباب الرئيس للقدس القديمة،وهذا يعني على ارض الواقع قتل القدس القديمة كمركز تجاري،وابعاد المصلين من الوصول الى المسجد الاقصى وكنيسة القيامة،وربط المدينة بالقدس الغربية بشكل نهائي،يضاف الى ذلك مصادرة البيوت والأرض العربية في حيّ الشيخ جراح شمال المدينة المقدسة،ومصادرة وهدم البيوت العربية في حيّ البستان في سلوان جنوب المدينة،والحفريات القائمة تحت المدينة،واحاطتها بجدار التوسع الاسرائيلي من الشرق الذي اخرج حوالي مائة وخمسين الف مقدسي فلسطيني من حدود المدنية، وبالتالي سيمنعون حتى من دخولها ولو للصلاة أو العلاج في المستشفيات.

ورسائل حكومة نتينياهو هذه ليست للجانب الفلسطيني وللجنة المتابعة العربية فقط بل تتعداها الى مؤتمر القمة العربية الذي سيعقد في 27 آذار الحالي في ليبيا،وهي رسالة مفادها ان لا انسحاب من الاراضي المحتلة، وفي مقدمتها جوهرتها القدس، ولا امكانية لقيام دولة فلسطينية،وعليكم الاعتراف بهذا الواقع،وعليكم ايضا التحالف مع اسرائيل وأمريكا لوقف(الخطر الايراني)ونتينياهو كما هم أسلافه يعتمد على القوة العسكرية في نتفيذ سياساته،وممنوع على الفلسطينيين والعرب ان يعترضوا أو ان يحتجوا على ذلك،لذلك فقد شكل لجنة متابعة ومراقبة لرصد التحريض الفلسطيني لما سمّاه ثقافة السلام، وهذه الثقافة تعتمد طبعا على تكريس الاحتلال من خلال توسيع الاستيطان وتكثيفه، وشعار قادة الفكر الصهيوني هو ما لا يمكن تحقيقه بالقوة،يمكن تحقيقه بقوة اكبر،يقابله عربيا ان البديل لفشل المفاوضات هو المفاوضات،حتى ان العاهل السعودي الملك عبد الله عندما اعلن في فترة سابقة(ان المبادرة العربية لا يمكن ان تبقى على الطاولة الى الأبد) لم يعط مدة محدودة لذلك،ولم يطرح أيّ بدائل ايضا،وأمّا لجنة المتابعة العربية التي اعطت مهلة اربعة شهور للمفاوضات غير المباشرة ،فإن اقصى ما تطمح اليه هو تعهد امريكي بان تحدد الادارة الأمريكية المسؤول عن فشل المفاوضات،وكأن الادراة الامريكية غير مدركة ذلك،أو كأنها ليست داعمة للسياسة الاسرائيلية بعجرها وبجرها.

وكأن القادة العرب لم يسمعوا بتراجع الرئيس الامريكي لما اعلنه في خطابه في جامعة القاهرة باشتراط وقف الاستيطان لاستئناف المفاوضات لتحقيق السلام.

وما دام الاستيطان مستمرا،فمن حق المرء ان يتساءل عن الارض التي ستقوم عليها الدولة الفلسطينية؟ أم انها ستقوم على كوكب اخر؟

واذا كان الاستيطان جريمة،فإن السكوت عليه ومداهنته يعتبر جريمة اكبر،ستبعد السلام عن المنطقة،وستقود الى حروب قادمة لن يسلم من نارها احد بمن في ذلك الاسرائيليون الضامنون للنصر فيها نتيجة ترسانتهم العسكرية الهائلة،وما يقابلها من عرب ليس لهم خيار الى مفاوضات الاذلال،والقبول بشروط الاستسلام.

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات