نزهة الرملاوي: البلاد العجيبة بين الواقع والخيال

ن

رواية خيالية لليافعين تحمل في ثناياها حقائق تاريخية حول معالم دينية وأثرية في القدس، ابتدعها الكاتب الفلسطيني جميل السلحوت الصادر عن مكتبة كل شيء عام 2015 والتي تقع في 83 صفحة من القطع المتوسط، ضمن سلسلة أغصان الزيتون للمرحلتين الاعرارية والثانوية .

يسرد لنا الكاتب بطريقة لافتة حكاية أسرة فلسطينية تعاني من الفقر فتح الله لها أبوابا من الرّزق بطريقة عجيبة ، وقد أحسن الكاتب اختيار تلك الطريقة لتحقيق ما يحلم به اليافعون من ثراء تمثّل بالملابس التي كان يحدّق بها محمود على(الملكان ) ولكن لايستطيع شراءها، وتمثّلث الثّروة بالمجوهرات التي بيعت بملايين الدّولارات عن طريق المزاد العلنيّ في بريطانيا، فحقق الأب ثراء خياليّا لم يكن ليصدّقه، وزواجه من ابنة الشّيخ تلك الحوريّة التي فتنته بجمالها .

لقد وفّق الكاتب حين دمج ما بين الخيال والتّكنولوجيا الحديثة، والوسائل المستخدمة في حياتنا الحاضرة، حتى لا يكون هناك فجوة ما بين الحاضر والمقروء، فقد تمثّل ذلك بأبنية المدينة العجيبة وشوارعها وهندستها، والخدمات المميّزة المجّانيّة التي نفتقدها في عالمنا الواقعيّ، فالطعام والتّعليم والخدمات الصّحّيّة كلّها مجّانيّة، وواجهات المنازل الزّجاجيّة التي لا يرى من بداخلها، ونساؤها الفاتنات الحوريّات، هذه المشاهد لا بدّ أنّ الكاتب استوحاها ممّا قرأنا عنها في كتب التّفسير عن نعيم الجنّة.

لقد تميّزت الرّواية بالخيال الخصب غير المحدّد، فرافق الرّواية منذ ظهور الشّيخ وأخذه محمود إلى المسجد الأقصى ليلا؛ ليروي له أنّ القدس منبع الخيرات وبوّابة السّماء، وهنا يحثّه على الفوز بها، وكأنّه يطلب منه أن يحارب لأجل بقائها.

لقد سخّر لنا الكاتب المركبة على بساط الرّيح الذي كان يأخذنا كلّما جنح خيالنا إلى الفضاء البعيد، أنّه يقول لنا أنّ القدس هي طريق الوصول إلى الجنّة، حيث لا رأت عين ولا خطر على قلب بشر.

لقد حثّ الكاتب هذه الفئة من الشّباب على التّمسّك بالدّين والقدس، وأثار تحيّزا واضحا لحكم المرأة في الكوكب المثاليّ السّعيد، لأنّ المرأة ذات حكمة، وتكمن المثاليّة في ذلك الكوكب في تطوّر الزّراعة والمصانع وغزارة الانتاج ، وعدم الفوضى والقتل والتّدمير والتّسلط والجرائم والدّم التي يتميّز بها كوكبنا، هم بشر مثلنا ولكن يختلفون عنّا في تفكيرهم وإبداعهم وتنوّع محاصيلهم وجودتها، وفائض انتاجهم وثرائهم وتوزيعهم المهامّ بين أفراد شعبهم، يؤمنون بكلّ ديانات السّماء، لا تنازع ولا تفرقة طائفيّة، فنّانون وصنّاع للحياة السّعيدة الكريمة الخالية من الخداع المؤمنة بالحبّ.

تميّز أسلوب الكاتب بالتّشويق في عرض الأحداث وتسارعها، إضافة إلى غرز الكثير من القيم النّبيلة في شبابنا، كالوفاء بالعهد والإحسان الى الآخرين، ومشاركة الأخوة بالأفكار والعمل، والوحدة والتعاون والتّفكّر في المعاني السّامية للحياة الفاضلة.

لقد أسدى الكاتب نصائح جيّدة بطريقة شيّقة لبناة المستقبل.

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات