ظبي المستحيل لبكر زواهرة في اليوم السابع

ظ
القدس:  14-1-2016 ناقشت  ندوة اليوم السابع الثقافية في المسرح الوطني الفلسطيني في القدس ديوان “ظبي المستحيل” للشّاعر بكر زواهرة الصادر بداية العام 2016عن دار الجندي للنشر والتوزيع في القدس. يقع الديوان الذي صمّمت غلافه الفنّانة رشا السرميطي في 160 صفحة من الحجم المتوسط.
ممّا يذكر أنّه صدر قبل ذلك ثلاثة دواوين للشاعر زواهرة هي: “نزف التراب” و”حمامة تنقر الصّخر” و”الرّند الأخير”.
افتتح النّقاش ابراهيم جوهر شارحا التجربة الشعرية للشاعر بكر زواهرة.
وتحدث محمد عمر يوسف القراعين:
على الغلاف آدم وحواء والتفاحة، كأن ذلك سبب مآسينا. أما السراج والأزهار فتعيد له التفاؤل.
كنا في المدرسة نحفظ العديد من القصائد الشعرية التي تطول أحيانا، ولم نحفظ للنثر سوى بعض القطع النادرة مثل خطبة الحجاج، وزياد بن أبيه لأنها قريبة من الشعر، في السجع وشيء من الموسيقى، التي تحببنا بالشعر وتسهل حفظه. وقد وجدت ضالتي في هذا الديوان الذي يحتوي على 46 قصيدة جيدة  من الشعر العمودي، والحديث الذي يلتزم الوزن والموسيقى. وهي تعبر عن الروح الوطنية في وصف الأحداث ورثاء من استشهدوا، وقصائد وجدانية فيها شيء من الغزل الرقيق. حبذا لو رصع قصائد الشعر الحديث بإدخال بعض القوافي أحيانا، حتى ولو كانت متباعدة، مع أن الشاعر محق في الطريقة التي يتبعها في التعبير عن شاعريته ووجدانه.
في القراءة الثانية للديوان، استرعى انتباهي جمال المعنى في بعض المواقع، والمواقف التي قد تخضع للتعليق. في صباح الجمعة الماضي، كان الجو عاصفا، فتمايلت أغصان شجرة الكلمنتينا والأسكي دنيا، وانحنت أمام الرياح الشديدة، لتحمي نفسها من الانكسار، وفي تلك اللحظة كنت أقرأ قصيدة ” قبض على ظبي المستحيل”، فتعجبت من هذا التوقيت، وتطابق المعنى بين انحناء شجيراتي، وهذه الأبيات في صفحة 16: بيت تقوس     كي يحمي كنزه الأطفال     من لص الحياة   شجر من الأرواح يبسط     ظله فوق البلاد.
طائر الشمس، صفحة 51:
لا شك في حرية    كالطائر المجهول     تهدم ما توهمه الغزاةُ     من الحصار.
انتظار، صفحة 62:  وجَع العيون من الغبار مطبب   لا طب من نأي بلا ميعاد
لو تسمعين وما سمعتِ مشاعري   طفلا شببت وفي الشباب رمادي   (شيبتك)
بين بكائين، صفحة 67: فوقوف النخل سجودٌ للأعلى   مأخوذ بالعشق الصوفي.
دخان الحروف، 78: الخوف هو المحتل الأكبر   وكل المحتلين هم الخوف الأصغر.
الحريق، 105: فأشرف الأشعار      ما قد قيل في طفل حريق.
قواميس الجرح، صفحة 110: للقراءة، سلسة وجميلة. (سلامُ وليس سلامِ عليكم).
طفل العروبة، 116: أنت الذي بلغ الحياة بموته     وتركتنا في الجهل أنت العاقل.
إلى سميح القاسم، 126:  فالشمس تغرق في الضباب    ولا تموت.
ناب المسافة، 134: غزل جميل وسلس.  كل المسافات التي طالت  سيعدمها اللقاء.
ملاحظات: صفحة 10:   في الحرب كم كذب الرصاص على الحليب؟ (شطحة)
صفحة 21: شعب يراق لأنه على قيد الوجود (نثر). الشعر..لأنه قيد الوجود.
صفحة 39: في آخرها تشاؤم؟
صفحة 72: كعنقاء. تفسد الوزن.    صفحة 89: مثل حب طليق. ضاعت الموسيقى.
صفحة 121: ويُصَنّع دين. لماذا الواو؟ لأن الحرف هو مقطع، وهنا زائد.
وقالت نسب أديب حسين:
إنّ المتابع لقلم بكر زواهرة، سيلحظ تطورًا مهمًا في ديوانه الثالث “الرند الفقيد” الصادر عام 2014، والان ونحن بصدد الديوان الرابع “ظبي المستحيل”، الصادر عام 2016 عن دار الجندي للنشر والتوزيع في القدس، نشهدُ تطورًا في اللغة الشعرية والفِكر المطروح في القصائد.
تتميز معظم قصائد هذا الديوان وخاصة قصائد التفعيلة منها، بالكثافة في الأساليب البلاغية من استعارات وتشبيهات، وتتطلب من القارئ التدقيق في قراءته، وإعمال فكره في سبيل الوصول الى قصد الشاعر، مما قد يجعلها صعبة الفهم على القارئ العادي. لكن المهم في هذه الكثافة، أنّها لم تأتِ بعبثية ودون هدف، بل وُظفت بشكل جميل، مقدمة رسالة هادفة، حاملة صورًا لغوية وشعرية جميلة، وداعية لتفكير عميق.
ومن أهم قصائد الديوان التي وظفت الأساليب البلاغية بكثرة، هي قصيدة “القبض على ظبي المستحيل”. حمل الديوان عنوان هذه القصيدة ، التي دمج فيها بكر بين شعر التفعيلة والشعر العامودي، بطريقة ناجحة، لا نشاز فيها.
سأعمد في قراءتي هذه لتحليل هذه القصيدة.
العنوان: “قبضٌ على ظبي المستحيل”
يظهر العنوان غريبًا للوهلة الأولى، وهو يدلل برمزيته وغرائبيته على ما ستحمله لنا القصيدة، من الكثافة الرمزية والاستعارات. وبعد الاطلاع على مضمون القصيدة التي تندرج ضمن قصائد الديوان الوطنية، سيقودنا الظبي في العنوان الى الحلم والجمالية من حياة وحب، التي تظهر مستحيلة في واقع وطننا المحتل والمحاصر، والقبض على هذا الحلم أو الظبي المستحيل يظهر في القسم الثالث والأخير من القصيدة،  كفكرة.. للتمكن من الحياة والاستمرار تمردًا على كل الدمار الذي ورد في أول القصيدة.
مبنى القصيدة:
تتقسم القصيدة إلى ثلاثة أجزاء، في طرحها، مستخدمًا الشاعر فيها أسلوب شعر التفعيلة في الجزأين الأول والثاني، والعامودي في الجزء الثالث، خاتمًا إياها بالتفعيلة في الأبيات الأربعة الأخيرة.
بذا نشهد بناءً غير مألوف، لكنّه وُظف بطريقة خدمت القصيدة وطرحها.
أقسام القصيدة:
القسم الأول: يتكون القسم الأول من البيت الأول وحتى بيت رقم 29، ( ليثٌ بلا قلب).
نجد هذا القسم يُقدم أوصافًا تراكمية، تزدحم لتقدم مشهدا صعبا قاهرا، مرهقا، فوق أرض يحيق بها الدمار. ويأتي هذا ضمن تعابير من الأوصاف والاستعارات لتقدم المدخل كالطلقات للمشهد الذي يريده الشاعر، لتكون الكلمات التالية هي مدخل الأبيات (أرضٌ، هزيمةٌ، حبرٌ، نهايةُ، بحرٌ يشيب، نهرٌ من الأملاح، تعبٌ، حربٌ، وقتٌ قتيل، شايٌ، صمتٌ، موتُ، ذئبُ، حبلُ الغسيل، ملابسٌ، كتف المحارب، دبابةٌ، موجٌ من النيران، ليثٌ بلا قلب).
عند التمعّن في هذه الكلمات، نجدنا أمام تعابير توحي في معظمها على معانٍ سلبية، وإن استخدمت كلمة قد تحمل معنى ايجابي كالبحر مثلا، فألحقها الشاعر بصفة الشيب، وهذا الشيب من الفزع والحزن على الثكالى كما فسر البيت، بذا افتتحت هذه الكلمات العشرون، أبيات هذا القسم، بتعبير مكثف، يحمل معنى الضيق والدمار والموت، والحزن الذي عمّ على الأرض.
في الشطرتين (الاسمُ للأسماء\ رمزٌ أو مثال)
يأتي في رأيي مفتاح رمزية القصيدة، وخاصة عندما تظهر عبارة “ظبي” للمرة الأولى في البيت رقم 32. عقب الشطرتين
القسم الثاني
يبدأ بـ
“ظبي غفا للمرة الأولى
كما طفلٍ ينام وقد علا قلق الرصاص”
في هذا القسم يتوقف بحر الدم عن التدفق، ويحلّ سكون الطائرات، لتبدأ مرحلة من السكون والشهادة على الدمار، لتكون الغفوة الأولى للظبي.
وهنا إن أخذنا الكلمات الأولى التي تفتتح الأبيات، لرأينا رؤية متوهجة وتصاعدًا إيجابيًا لروح الحدث، ولكن عند فحص العبارة اللّاحقة أو الواصفة لمدخل البيت، ندرك أنّنا ما زلنا في مساحة مأساوية وحزن المشهد، وفي هذه المرحلة من قصة القصيدة نقف ونستوعب الدمار.
إذ تُفتتح الأبيات ب (ظبيٌ غفا، شمسٌ تشيّع، قمرٌ يضمد، ضوءُ النزيف، نخلةُ الأشلاء، قمحٌ تيتم، بئرٌ تُجعدها، ماءٌ لا تمشطه، غيمٌ على غيم، كهلٌ يروّض، بيتٌ تقوس، شجرٌ من الأرواح، خيلُ الإرادة).
وهنا قد نتساءل لماذا يستخدم الشاعر من جهة تعبير إيجابي في مدخل الاستعارة، ويُلحقها بتعبير سلبي؟  ويمكن أن نفهم، جدوى هذا للحفاظ على التوازن في هذا المشهد، الساكن نوعًا ما.
القسم الثالث
أمام كل التعابير الإيجابية التي وردت في القسم السابق وألحقت بأخرى سلبية، يبقي الشاعر النجم، ليتكلم. وللوهلة الأولى يظهر كلامه وكأنه غريبٌ لا علاقة له بما ورد في القسمين السابقين، خاصة أنّ المبنى الشعري يتحول من التفعيلة إلى العامودي. وفي البيت الثالث من هذا القسم، يطلّ إشعاعٌ النور الذي يربط هذا القسم بما سبق ورده.. إذ جاء فيه:
(تسمو الفتاة وفيها السبي مملكةٌ\ والحزنُ شيخٌ على أبوابها خرف)
والمقصود بالفتاة هنا هي فلسطين، وتستمر الأبيات اللاحقة لتخاطبها على لسان “النجم” لترفع من معنوياتها، وتدلل على عظمتها وحقها. كقوله (أنتِ القصائد لا يستاء شاعرها\ من شحّ معنى وفيك اللام والألف). كما ويسخر النجم أو الشاعر من العدو (من هم أولاء على الأطراف قد وقفوا\ من رجفهم كم تخال الأرض ترتجف)،  ويستمر ليصوره خاشيا من الأشباح، ويقول أنّ مقدرة السّيف إن لم تكن في كف الحق، تُخطف.  ويُظهر الشاعر أنّ كل ذاك الدمار الذي ظهر في القسم الأول لم يقلل من شأن فلسطين، بل زادها وهجًا كسبائك الذهب. مثلما ورد في الأبيات الثلاثة التالية
(يدلي الركام بأنّ القوم قد جبنوا\ من يجهل المرءَ فالأفعال تعترفُ)
(ما زادك القصفُ إلا وهج ساطعةٍ\ مثل السبائك لا حرقٌ ولا تلف)
(أبناؤك الطهر في الآفاق مسكنهم\ في كل شبر خطى أقدامهم سعفُ)
ويستمر الارتقاء والاعتداد، ليغلبَ صوت الشاعر المتقمص للنجم على شخصية النجم في بيت رقم 17، من هذا القسم حين قال: (نفديك فوق ثمين المال أنفسنا\ إنّ الفِداءَ فضاءٌ شمسه الشرف).
ختام القصيدة
يختتم الشاعر قصيدته بالعودة الى التفعيلة بقوله:
(شعبٌ يراق لأنّه على قيد الوجود
هم يقتلون لأنّهم ليسوا
على قيد الوجود
ليسوا على قيد الوجود)
تأتي هذه العبارة مبيّنة رأي الشاعر، خاتمة بطريقة فكرية عميقة لأقسام القصيدة الثلاثة السابقة.
في القسم الثالث من القصيدة يظهر القبض على ظبي المستحيل، وهو القبض على الأمل والروح الحيّة المتعالية والمتمردة على كل الدمار، الذي قد ينزل بما حولها. ليطلّ الظبي بجماليته ووداعته ورمزيته، وجهًا مهمًا لاستمرار الوجود، رغم كلّ الدمار والموت الذي يُعمله القاتل، الذي ليس واثقًا بوجوده.
هذه القصيدة عامّة، من الممكن أن تنطبق على أي قطر تعرض لاعتداء أو احتلال، فلم يحاول الشاعر أن يمنح أسماءً للأماكن، لكنني اعتبرت هنا أنّ المقصودة هي فلسطين.
حملت قصيدة “القبض على ظبي المستحيل”، تعابير واستعارات جميلة كما سبق الذكر، ولكن ليس هذا فقط ما يميزها، عن سائر قصائد الديوان بل أيضًا طريقة البناء، وطرح الموضوع، وتقديم قصيدة وطنية بأسلوب مختلف عن الدارج. وهذا أمرٌ يقع في صالح الشاعر، ويزيد ظبي القصيدة من وهج رسالة الديوان الرابع، في سماء الابداع الشبابي الفلسطيني.
وقال نمر القدومي:
الوقتُ تهشّم .. الجهاتُ تكسّرت .. خريفٌ مُدجّجٌ بالفَناء .. ربيعٌ مُحرّمٌ .. شمسٌ عصبيّةٌ تضربُ الحياة بلُعابها الملتهب .. وبحرٌ كالحرباء يتلوّن، كلماتٌ عاقرة تفتقد إلى الرّوح والحياة، حُرقةُ شاعر أحاطَ به همٌّ وخطبُ حرائر. كتلةُ نصوص أدبيّة من المآسي والآلام يخطّها الشّاعر المقدسيّ “بكر زواهرة” في ديوانه الشِّعريّ الجديد “ظبي المستحيل”، مثله كمثل غيره من الأدباء والكتّاب الّذين تَقطُرُ أقلامهم حبرا برائحة الدّم الطاهر، ويخطّون لنا عواطفهم المُجمّدة. نسوا الفرحة والضحكة، وغرقت مشاعرهم في عالم مُظلم دون بصيص أمل أو لفحة فرج ؟ هذا الدّيوان الغنيّ بالقصائد القيّمة والثريّ بالمفردات العميقة والمعاني الصّارخة، يُحاكي الرّوح والجسد، ويُغلّف جدران القلوب بطعم الإنتماء الوطنيّ المُشرّف. في كلّ قصيدة هناك حكاية صعبة ومُرّة تُجسّد الواقع الأليم الذي يعيشه الإنسان في هذا الوطن الحزين. كلماتٌ مضيئة شعاعها يخترق الوجدان والإحساس، ويخلّد في القلب ضراوة الأوجاع التي يمرّ بها شعبنا؛ هو شعبٌ من ألف حزنٍ ليسَ يكتملُ فيه البكاء، ومن ألف شعبٍ ليسَ يكتملُ فيه العزاء.
الشاعر “الزواهرة” وهو الآن في عمر الورد، حملَ في جوفه قلب أسد ليزأر بكل مشاعره الجيّاشة وقوّته المكبوتة في زمن القتل والظلم والعبوديّة. كتبَ بشجاعة ورسم باللّون القاتم فواجع الدّهر وإستبداد الطّاغية، في الوقت الذي نحن في أشدِّ الحاجة إليه. تكلّم بلسان حالنا وكأنّنا نتوق لمن يروي ظمأنا ويشفي صدوراً أعياها الصّمت القاتل داخل أحشائنا !!
قد أحيد بقراءتي التّقليديّة هذا المرّة، وأتناول بمحض الفضول واللّهفة تلك النّفسيّات التي تقبع داخل شبابنا أصحاب القلم والفكر، وأصحاب الرّسائل الخالدة. نستطيع أن نجزم أنَّ هناك نفوسا مخلصة ووفيّة تخلّت عن الكثير مقابل القليل، سعادتها من سعادة الجميع، وجلّ وقتها وجهدها فداء لكلمة الحقّ. هذه النّفسيّات المتهالكة من الدّاخل والخارج، في ظلِّ ظروف الإحتلال القاسية، تمكّن منها أقوياء القوم ووضعوها على عرش المقاومة. فهذا شاعرنا في ديوانه الجديد، يدمج بين البُعد الإجتماعيّ والبُعد الوطنيّ والبُعد الإنسانيّ، لا ينفصم عن بعضها البعض، ونجدها منصهرة بشكلٍ مميّز وأسلوب بلاغيّ قويّ. أمّا التّواصل من داخل الأحداث ومعاينة حياة النّاس من نظرة ثقافيّة وأدبيّة، يعتبر أمرا حيويّا بالنّسبة للشّعراء والأدباء، كما تُضفي نبضا خفّاقا في صدى النّصوص الأدبيّة.
من الغريب أن يُصبح اللامعقول هو رغبتنا، والمساحات التي لا يدركها العقل البشريّ هي موطن جمالنا، أوجاع الشّاعر من أوجاع النّاس مدى الأنجاد، والبعد عنهم مشنقة بلا أعواد، يبقون يموجون في صدره وفكره. أمّا قصّة عشقه لوطنه فتبقى الرّائدة فوق الأطياف. نجد أنَّ الشّاعر في نصوصه الأدبيّة يذكر الموت كثيرا، ويعود سبب ذلك إلى صعوبة المعاناة من ضيق العيش، وعليه فقد صوّر لنا تلك الحياة الطيّبة والسّعيدة  ما بعد الموت، وكأنّه يُناجي السّماء للخلاص من تعب الجسد والرّوح، فيقول لنا “من رأى الحور لا يستذكر الألما”.
يتغلب الشّاعر على نفسيّته فيحررّها ويُحرّر جسده بخياله المكتوب على الورق، فيخرج من ذاته الأولى لينتصر الوجود على الفَناء، ويغنّي في أعماقه “لولاكَ يا أملَ الحياة”. لقد أمتعتنا وأشقيتنا أيّها الشّاعر، فقد قيّدتَ عواطفنا المبعثرة بسلاسلكَ الذّهبيّة، وكتاباتك المشوّقة. استخدمتَ لغة مشحونة بالمرارة وعناء مكابدة الزّبد، فناديتَ من كلِّ أرجاء الأرض المسلوبة، أن ردّوا لنا وجه الحياة وطعمها المسروق. نحن شعبٌ لن ننام في قعر البئر، فكلّما سقطنا نهضنا من جديد لنواصل النّضال، ففي قاموس الثّقافة لا يوجد متّهمون وأبرياء، بل يوجد عقل أو لا عقل، ضمير أو لا ضمير. أمّا الشّاعر “الزواهرة” فكان منارة أدبيّة مقدسيّة مضيئة من العطاء المتميّز والجميل.
وكتبت نزهة الرملاوي:
قبض على ظبي المستحيل.
قصائد شعرية أهداها الكاتب إلى المتمسكين بإنسانيتهم في لحظة التحول إلى اللإنسانية …
وإلى القابضين على الحرف كيلا يكتئب الكتاب .
وإلى كل ما هو جدير بالحب.
من خلال هذه الكلمات نستخرج ما قد يدفعنا الى شغف المتابعة.
ظبي غفا للمرة الأولى
كما طفل ينام وقد علا قلق الرصاص، شمس تشيع ما تشاء من الضحايا الأمهات
قمر يضمد حزنه ضوء النزيف
ونخلة الأشلاء
قمح تيتم فوق بيدره العزاء ص ١٦
هي بعض السطور مما أتحفنا به الشاعر بكر زواهرة… لقد تجلت قدرات الشاعر في استخدامه التشبيهات والكنايات، والاستعارات والبلاغة..
مما ساعد على تكوين صور خيالية مبعثها حقيقة بحتة تتنفس الألم والشقاء والحروب والتشرد في حياة شعبنا الفلسطيني…
لقد انتهز الشاعر موروثه الثقافي التاريخي والديني ، فأخذ يمرر بعض الأسماء ذات الدلائل والاشارات الواضحة لما يتطلبه الفكر أو إتمام المعاني في القصائد…كهزيمة في جيش
“جينوس” فالقارئ يدرك أنّه محارب قائد  …وحين استحضر اسم( هيجل) اتبعه فلسفة الوجود، أمّا ( المعتصم ) والنجف دلالة على خليفة عباسي حكم العراق، وقد استعار الشاعر من قصص القران الكريم قصة ( يوسف) وإلقاء قميصه، وقابيل وهابيل…والمسيح ووجع النبي ونوح وسفينته …
أضف إلى ذلك أنه استحضر في نفسه بقايا الأندلس، وشبه الشوق بورد مفترس ص٩٣. وقد أشار الكاتب بقصائده إلى أزمات الوطن العربي مثل قوله وجدت سودانين .. وعشرين عراقا ..وفلسطين تذوب وداعش والأنطمة المزمنة والكرسي المتعاقب ص ١١٢… وإن دلّ ذلك يدل على ثقافة الشاعر الكبيرة، وهي ذات رؤية محددة لا تعرف العبثية…وتواكب الأحداث بألم وإحساس مرهف ملون بالإحباط تارة وبالأمل تارة أخرى…
كذلك استخدام الشاعر المفردات التي تدل على العواطف مثل الشوق والتحنان والحب  وركام الأحاسيس والخوف والحزن وغير ذلك.
وأكثر الشاعر من الكلمات التي تميز بها كتاب وشعراء الوطن، والتي تدلّ على الشجاعة والاحتجاج والبقاء والسجان والدخان، والقنابل والطائرات والجنازات والشهداء والحرية والعروبة، والجنود والمنفى والحجر والدّم والأشلاء.
تميزت بعض نهايات القصائد بحزن عميق يا نوح أنقذني
فثور مثل حجم البحر يلتهم التراب… خذني معك ص٩٤
وبعضها كان مفعما بالأمل.
قيس ينسى بها ليلى فيجهلها
فمن رأى الحور لا يستذكر الألما ص ٧٦
مثل العدالة
لا تضيق أمام أمواج الزمان
لولاك يا أمل الحياة ص ١٠٣
تميزت قصائد الشاعر الزواهرة باتجاهات وطنية وانسانية ثابتة، عنوانها الصمود والتحدي والشجاعة.. لذا نرى الشاعر قد حاكى هموم الشعب، وتغنى بأمجاد العروبة، أضف إلى ذلك العتاب الذي تواجد في بعض السطور نتيجة التخاذل الساكن في قلب الأخوة العرب مثل:
تضيع بلاد أو تباع شعوبها
ويصنع دين كي يليق بفاجر
ووجه ربيع قد تصحر غيمه
وكل عميل قد يقاس بثائر. ص١٢١
يحق للشاعر ما لا يحق لغيره، من هنا نرى أن قفز الأفكار في القصيدة جاء بعفوية مدعومة بفنتازيا شعرية راقية. وقد تنوعت أساليب الشاعر في بوح قصائده فتارة نراه التزم الشعر الحرّ القائم على وحدة التفعيلة.
ومرّة أخرى نراه استخدم الأوزان الشعرية كما هي في القصائد الكلاسيكية.. وقد استطاع دمج الأسلوبين في قصيدة قبض على ظبي مستحيل…
لغة الشاعر لغة سلسة مفهومة، تشد القارئ بايحاءاتها وصورها البليغة وثناياها التي تخبئ الأمل والأحلام المنشودين في حياة شعب مقهور، فها هو يسلب الضعف ويقوي العزائم حين يقول : قلمي سيف
وسيفي قلم
وفي الحالتين أنا أكتب الحب
ولا أقتل..ص١٥٠
عام على حلم لا زال يرضع فاسد الأثداء
مدن تدلت إلى بئر الجحيم لينزف التاريخ
آخر فخرنا الباقي
على جسد العزاء ص٨٧
هنيئا لنا كتابا سطروا من أوجاعهم تفاصيل الكرامة..
وقال عبد الله دعيس:
الحرب والانتصار في ديوان ظبي المستحيل
هل يغفو الظبي وقد أحاطت به المخاطر ولا يدري متى تنقضّ عليه الأسود؟ وهل ينام الطفل وقد علا صوت الرّصاص؟ وهل الجمال والدعة، التي يمثّلها الظبي، وبراءة الأطفال، تكون رادعة لأنياب المفترس ورصاص القنّاص، وقد أصبح الأطفال وقود الحروب وضحاياها؟! وهل يُقبض على الظبي؟ وهل يُودِّع الأطفال البراءة؟ وهل موتهم وطحنهم ينهي الحلم بالحريّة والنّصر؟ نبحر في ديوان (ظبي المستحيل) للشاعر بكر زواهرة، نبحث عن إجابات لهذه الأسئلة التي يستفزّها الشاعر في أذهاننا، بكلماته الموجزة، ومعانيه التي تختفي خلف الكلمات والصور الشعريّة الرّائعة.
في قصيدة (قبض على ظبي المستحيل) التي حمل الديوان اسمها، يصوّر الشاعر الحرب بصورة قاتمة مرعبة، حيث يتذوّق النّاس فيها طعم البارود، والغزاة تشعّ وجوههم موتا، والبنادق تزرع الموت الزؤام، والطائرات والدبّابات تجلب الدمار.
كتف المحارب نجمة صبغت دما
ففضاؤها في الخوف طيّار ترفّع بالسقوطِ
إلى الحضيض
تزني فروج الطائراتِ
فحمْلُها يلد الدّمار
دبابة من قوم لوطٍ
قرب جمع الأنبياء
ويصف الشاعر الأعداء بأنّهم لصوص الحياة التي يسلبونها دون رحمة، لكنّ الحرب ستكون حتما وبالا عليهم، فهي:
حرب تكرّ على المُحاصِر
بالجدار وبالغبار
وبعد هذا الوصف، وتلك الصور التي تشخّص الحرب وترسمها بأبشع صورة، يتحوّل جَرْس القصيدة فجأة، وينتقل الشاعر من الشعر الحرّ إلى الشعر العمودي؛ ليرسم الأمل في التّحرير والخلاص والنّصر، ويبشّر بمستقبل زاهر مشرّف. هذا التّحول الذكيّ في القصيدة، يستحضر الماضي التليد ويرسّخ الأصالة بالرجوع إلى النسق التقليدي في الشّعر، ليعطي دلالة أن النّصر على هذا العدو الغاشم لا يكون دون الرجوع إلى أصولنا وحضارتنا. ويصوّر الشّاعر العدو، رغم جبروته وقوّته وسحقه للأخضر واليابس، بالجبن والخذلان. وما يعمد الأعداء للدمار بآلاتهم الفتّاكة عن بُعد إلا لجبنهم وخوفهم من المواجهة. فيقول:
من هم أولاء على الأطراف قد وقفوا              من رجفهم كم تخال الأرض ترتجفُ
إن المزايا مزايا الأمس ذاهبة                      حوك العناكب دون الرّيح ينجرفُ
توهم الكون أن السيف مقدرة                      إن لم يكن في كفوف الحق ينخطفُ
لم يمسك الخوفَ إنسانٌ بهيئته                     خوفُ الغزاة من الأشباح يختلفُ
يدلي الركام بأنّ القوم قد جبنوا                      من يجهل المرء فالأفعال تعترفُ
ثم يقارن بين الأعداء وبين ضحاياهم فيقول:
شعب يراق لأنّه على قيد الوجود
هم يقتلون لأنهم ليسوا
على قيد الوجود
ليسوا على قيد الوجود
والشاعر يتألّم لمشهد الأطفال الذين يقعون ضحيّة الحروب والصّراعات، ويُبرز معاناتهم في عدد من القصائد وباستخدام الصّور المختلفة التي تهز نياط القلوب، وتضع الإنسانيّة أمام صورة القتل والتعذيب، بينما الصّخب الإعلاميّ حولهم لا يخفف من آلامهم شيئا، فيصبح الطفل المذبوح كالنبيّ الذي ضحّى من أجل الخلاص وعانى من أجل الأمّة. يرسم الشّاعر صورة بشعة جدا لموت هذا الطفل قبل أن تتفتح براعم الحياة لديه، والذي سُقي الرصاص بدل الحليب، وينتقد العجز أمام هول ما يصيب الأطفال.
والعجز تمثال يقدَّس في الهزيمة
لا يكذب الأطفال في رسم الفراق
في الحرب كم كذب الرصاص على الحليب
ويمعن الشاعر في التّعبير عن وحشيّة الأعداء في اعتدائهم على الأطفال، فيقول:
والذئب يفتش عن أخوة يوسف
في أضلاع محمد
في إشارة إلى قتل محمّد الدرّة ومحمد أبو خضير، ويضيف:
لماذا يجعلني أعدائي أتذوق
طعم (الهولوكست)
وطعم البنزين
لكنّه لا يقف عاجزا أمام ذلك ولا يائسا، فمن يدري فربما كانت دماء هؤلاء الأطفال إيذانا بحياة جديدة ونصر آت، تماما كما كانت الفتيل الذي فجّر انتفاضة غضب ضد الأعداء. فالشاعر يبدو واثقا من المستقبل، يرى الحريّة المفقودة ولا يشكّ بأنّها ستعمّر في بلادنا في نهاية المطاف.
لا شكّ في حريّة
كالطائر المجهول
تهدم ما توهمه الغزاة
من الحصار
ويضع الشاعر يده على سرّ الضعف والهزيمة، ألا وهو كبت الحرّية وتسلّط الحكّام، والخوف من الأعداء رغم ضعفهم.
أن تكتب شعرا في الحكام
وضد القمع
وفي اليوم التالي تُعطى جائزة
لا تُقتل
فاللامعقول هو الأجمل
***
الخوف هو المحتل الأكبر
وكلّ المحتلين هم الخوف الأصغر
ويرى الشاعر أن الحرب التي نشنّها على أنفسنا هي الأنكى والأخطر:
نموت  – – ونحيا
ونحيا – – ونموت
لا نعرف من يقتلنا
والقاتل يتكرر في نفس المشهد
ونقيم الحرب على أنفسنا
ثمّ يعود الشاعر ليدعو للكفّ عن الحرب وتحكيم العقل فيقول:
ردّوا لكم ثوب الربيع
ودفّئوا عريّ السراب
وحنّطوا البارود
أمّا رشا السرميطي فقد كتبت:
الديوان تغريدات لفكر غنيٍّ بمقطوعاته الملوَّنة التي احتوت فصول المعاني على تقاسيم قلم صاحبه يحيا بروح شاعر.
غلاف الديوان الذي تربَّع عليه عنوان ” المستحيل ” بالقرب من شمعة تذوب ببطء، وأكمام من الأزهار رسمتها ظلال التأمل والأفكار الدافئة، ما هي إلا إشارات لطول الصَّبر والانتظار الذي ولد بعده هذا الديوان، أيضًا جسد لرجل وجسد آخر لامرأة، وبعض الدِّفء المكنون في كتب مهمشة على طاولة البوح، هكذا رسم لنا المشهد ليختصر الشاعر بكر زواهرة فكرة الديوان، ومن يعرف قراءة الصُّور، لا بدَّ عرف ذاك الظَّبي أو رآه، فمن المتعارف عليه بأنَّ الظبي من فئة المخلوقات الرَّقيقة المعروفة بحريَّتها، ونعومة حضورها، وما هذه إلا سمات طغت على قصائد الديوان التي بالطبع عكست شخصية كاتبه، إنَّ الغزلان تعدو في الجبال سريعًا، وبكر زواهرة عدا بنا مسرعًا بين عدة موضوعات وتأملات ذاتيه تفرد بها؛ ليقدمها لنا في ديوانه الأخير:” ظبي المستحيل”.
موضوعات القصائد كانت مزجًا من حب الوطن، المرأة، البعد الرُّوحاني، اختلطت بمفاهيم الموت والحياة وما خلف المجهول، البكاء، الحزن، الفرح، الأمل، الرِّثاء والهجاء، ومابين سطر يعلو وآخر يهبط بهدوء أنهيت الكتاب، وقد كانت لي بعض الباقات قطفتها من قصائد الديوان، أذكر منها:
الصور اللغوية محكمة البناء ومتينة التكوين، في قصيدته ” هديل الفطام ” يقول: كم مس طفلي في الفطام هديل/ سرب الدموع من الحنان سلام/ ويحار حرفي في تصور روحها/ في رسم روح يعجز الرَّسام. وصف بديع وتصوير يزيد من شغف القارئ لينهل المزيد من هذه القطع اللؤلؤية. الخيال الخصب والتصوير في اللغة، حيث يرى القارئ ويشاهد تفاصيل الكلمات المكتوبة وكأنها لوحة رخام مزخرفة تفنن شاعرنا في نظم تفاصيلها، يقول في قصيدة ” قبض على ظبي المستحيل”: أرض على وشك الزفاف/ هزيمة في جيش “جينوس ” الأخير/ حبر سماوي على شوق الرمال/ نهاية الأشياء ميلاد جديد. ويقول في قصيدة ” للمحمدين “: لايوجد متسع في/ قلب الأيام ولا أوقات/ لروايات تعلو فوق العصر/ كرايات من لحم الأنهار.
بدت القصائد سرديَّة مشوِّقة بها موسيقى هادئة لأنَّ كلماتها ذات نغم، يقول في قصيدته: وأعتلى جمل العناكب/ في متاهات الكهوف/ خسارتي وهج عليل/ في الدليل على القليل/ أنا المحل باليراع/ وبالصِّراع.
وجدتُّ اللغة عالية في بعض القصائد وبها من التوصيفات البلاغية والأدبيَّة ما أعجبني، وقد حملتها من محطة للأخرى بذات الفرح، فما برحت أن بدأت قراءتها حتى أعدتها، يقول: الآن أبصر في الوريد/ قصيدتي الأولى/ وأحضن نخلة الأحلام/ في تمر الحضور/ فكل ما قد قلته بالأمس/ كان هواء أروقة على ورق الذُّبول… الآن قد أصبحت غمدك/ فاغمدي في القلب جسمك والحياة/ أنت انتصاري في الزمان على الزمان.
المرأة تربعت مليكة على عرش بكر زواهرة كسائر الشعراء، فنظم لها قصيدة يقول فيها:” كأس/ اذا كانت فارغة أو ناقصة/ لا تسمى بكأس لأنك كاملة الجمال/ سميتك بالأنثى”.
برزت عدة مفاهيم تطرق لها الشاعر في قصائد ديوانه، منها: الموت، الحياة، الفرح، الحزن، الأمل، الشوق، الوجع، والبدايات الجديدة، كما كان لديه عمق في البعد الفلسفي إذ بدا جليًّا حتى رأينا الشاعر يتحدث ويحاكي نفسه عن العالم الآخر خلف المجهول فكانت له قصيدة بعنوان:” اللامعقول” كم أعشق ما خلف العقل/ ما خلف العقل هو المعقول/ فالثلج على وجه الصيف/ رسم للريح على النيران/ إن يحترم الزمنن الطاعن في الإجرام/ النفس بخطوات للخلف – يتقدم/ بالفكر فاللامعقول هو الأجمل.
كثير من قصائد الديوان حملت رمزية غاضة في رسمها أذكر منها قصيدة ” دخان الحروف ” يقول الشاعر: في جسمي خارطة الوطن العربي/ للون الأحمر لون ” أو وجه أسود” / والأسود ابن النار الحمراء/ النهر تحول منذ الأوجاع إلى قلق.
يبقى للحب طيفًا في قصائد الشعراء، يقول في قصيدة ” قمر بشري” من هذا الوجه تطل/ قصائد من قمر بشري/ وسماء تكتبني/ لمعانًا يتراكم/ .. وما أجمل قربان العينين/ لو كان القربان كلوحات/ يرسمها الموت بريشة/ روح تسعى للقبس الرباني.
في قصيدة ” إلى سميح القاسم ” قدَّم بكر زواهرة رثاء يليق بشاعر الجليل سميح القاسم وقد أبدع في نظمها، يقول: في أضلع الزيتونن قبرك – لا التراب/ في جبهة الأيام فجرك – والكتاب/ ونسميك الوطني/ يكتب في البلاد تقدموا..
لم تغب الحكمة عن قصائد وكذا التأملات العميقة، فمثلا يقول: لا شك عندي/ في مساحة دمعة سقطت من الفرح/ المخبأ في الجفون/ ستطرد الأملاح/ من طعم البحار/ لا شك أن بذور أحرفنا على عظم الصنوبر/ أو على أوجه الشاشات/ سوف تصبح مهجة الأجيال والخبز المكمل للوجود/ لا شك عندي.. لاشك عندي. ” طائر الشمس لا الشك “.
يشكل ديوان ظبي المستحيل انجازًا مميزًا للشاعر بكر زواهرة، الذي ينبئ بروح شبابيَّة شعريَّة وشاعريَّة تأتي بالجديد والتجديد، لكنَّني أنصحه بتقليل حجم الغموض والرَّمزيَّة التي قد ترهق القارئ في فهم التفاصيل، وادراك المهفوم والفكرة وكذلك الشعور الذي نظمه عبر القصائد.

ظبي المستحيل لبكر زواهرة في اليوم السابعالقدس:  14-1-2016 ناقشت  ندوة اليوم السابع الثقافية في المسرح الوطني الفلسطيني في القدس ديوان “ظبي المستحيل” للشّاعر بكر زواهرة الصادر بداية العام 2016عن دار الجندي للنشر والتوزيع في القدس. يقع الديوان الذي صمّمت غلافه الفنّانة رشا السرميطي في 160 صفحة من الحجم المتوسط.ممّا يذكر أنّه صدر قبل ذلك ثلاثة دواوين للشاعر زواهرة هي: “نزف التراب” و”حمامة تنقر الصّخر” و”الرّند الأخير”. افتتح النّقاش ابراهيم جوهر شارحا التجربة الشعرية للشاعر بكر زواهرة.
وتحدث محمد عمر يوسف القراعين:على الغلاف آدم وحواء والتفاحة، كأن ذلك سبب مآسينا. أما السراج والأزهار فتعيد له التفاؤل.كنا في المدرسة نحفظ العديد من القصائد الشعرية التي تطول أحيانا، ولم نحفظ للنثر سوى بعض القطع النادرة مثل خطبة الحجاج، وزياد بن أبيه لأنها قريبة من الشعر، في السجع وشيء من الموسيقى، التي تحببنا بالشعر وتسهل حفظه. وقد وجدت ضالتي في هذا الديوان الذي يحتوي على 46 قصيدة جيدة  من الشعر العمودي، والحديث الذي يلتزم الوزن والموسيقى. وهي تعبر عن الروح الوطنية في وصف الأحداث ورثاء من استشهدوا، وقصائد وجدانية فيها شيء من الغزل الرقيق. حبذا لو رصع قصائد الشعر الحديث بإدخال بعض القوافي أحيانا، حتى ولو كانت متباعدة، مع أن الشاعر محق في الطريقة التي يتبعها في التعبير عن شاعريته ووجدانه.في القراءة الثانية للديوان، استرعى انتباهي جمال المعنى في بعض المواقع، والمواقف التي قد تخضع للتعليق. في صباح الجمعة الماضي، كان الجو عاصفا، فتمايلت أغصان شجرة الكلمنتينا والأسكي دنيا، وانحنت أمام الرياح الشديدة، لتحمي نفسها من الانكسار، وفي تلك اللحظة كنت أقرأ قصيدة ” قبض على ظبي المستحيل”، فتعجبت من هذا التوقيت، وتطابق المعنى بين انحناء شجيراتي، وهذه الأبيات في صفحة 16: بيت تقوس     كي يحمي كنزه الأطفال     من لص الحياة   شجر من الأرواح يبسط     ظله فوق البلاد.طائر الشمس، صفحة 51:لا شك في حرية    كالطائر المجهول     تهدم ما توهمه الغزاةُ     من الحصار.انتظار، صفحة 62:  وجَع العيون من الغبار مطبب   لا طب من نأي بلا ميعاد   لو تسمعين وما سمعتِ مشاعري   طفلا شببت وفي الشباب رمادي   (شيبتك) بين بكائين، صفحة 67: فوقوف النخل سجودٌ للأعلى   مأخوذ بالعشق الصوفي.دخان الحروف، 78: الخوف هو المحتل الأكبر   وكل المحتلين هم الخوف الأصغر.الحريق، 105: فأشرف الأشعار      ما قد قيل في طفل حريق.قواميس الجرح، صفحة 110: للقراءة، سلسة وجميلة. (سلامُ وليس سلامِ عليكم).طفل العروبة، 116: أنت الذي بلغ الحياة بموته     وتركتنا في الجهل أنت العاقل. إلى سميح القاسم، 126:  فالشمس تغرق في الضباب    ولا تموت.ناب المسافة، 134: غزل جميل وسلس.  كل المسافات التي طالت  سيعدمها اللقاء.ملاحظات: صفحة 10:   في الحرب كم كذب الرصاص على الحليب؟ (شطحة)صفحة 21: شعب يراق لأنه على قيد الوجود (نثر). الشعر..لأنه قيد الوجود.صفحة 39: في آخرها تشاؤم؟صفحة 72: كعنقاء. تفسد الوزن.    صفحة 89: مثل حب طليق. ضاعت الموسيقى.صفحة 121: ويُصَنّع دين. لماذا الواو؟ لأن الحرف هو مقطع، وهنا زائد.
وقالت نسب أديب حسين:    إنّ المتابع لقلم بكر زواهرة، سيلحظ تطورًا مهمًا في ديوانه الثالث “الرند الفقيد” الصادر عام 2014، والان ونحن بصدد الديوان الرابع “ظبي المستحيل”، الصادر عام 2016 عن دار الجندي للنشر والتوزيع في القدس، نشهدُ تطورًا في اللغة الشعرية والفِكر المطروح في القصائد. تتميز معظم قصائد هذا الديوان وخاصة قصائد التفعيلة منها، بالكثافة في الأساليب البلاغية من استعارات وتشبيهات، وتتطلب من القارئ التدقيق في قراءته، وإعمال فكره في سبيل الوصول الى قصد الشاعر، مما قد يجعلها صعبة الفهم على القارئ العادي. لكن المهم في هذه الكثافة، أنّها لم تأتِ بعبثية ودون هدف، بل وُظفت بشكل جميل، مقدمة رسالة هادفة، حاملة صورًا لغوية وشعرية جميلة، وداعية لتفكير عميق. ومن أهم قصائد الديوان التي وظفت الأساليب البلاغية بكثرة، هي قصيدة “القبض على ظبي المستحيل”. حمل الديوان عنوان هذه القصيدة ، التي دمج فيها بكر بين شعر التفعيلة والشعر العامودي، بطريقة ناجحة، لا نشاز فيها. سأعمد في قراءتي هذه لتحليل هذه القصيدة.العنوان: “قبضٌ على ظبي المستحيل” يظهر العنوان غريبًا للوهلة الأولى، وهو يدلل برمزيته وغرائبيته على ما ستحمله لنا القصيدة، من الكثافة الرمزية والاستعارات. وبعد الاطلاع على مضمون القصيدة التي تندرج ضمن قصائد الديوان الوطنية، سيقودنا الظبي في العنوان الى الحلم والجمالية من حياة وحب، التي تظهر مستحيلة في واقع وطننا المحتل والمحاصر، والقبض على هذا الحلم أو الظبي المستحيل يظهر في القسم الثالث والأخير من القصيدة،  كفكرة.. للتمكن من الحياة والاستمرار تمردًا على كل الدمار الذي ورد في أول القصيدة. مبنى القصيدة: تتقسم القصيدة إلى ثلاثة أجزاء، في طرحها، مستخدمًا الشاعر فيها أسلوب شعر التفعيلة في الجزأين الأول والثاني، والعامودي في الجزء الثالث، خاتمًا إياها بالتفعيلة في الأبيات الأربعة الأخيرة. بذا نشهد بناءً غير مألوف، لكنّه وُظف بطريقة خدمت القصيدة وطرحها. أقسام القصيدة: القسم الأول: يتكون القسم الأول من البيت الأول وحتى بيت رقم 29، ( ليثٌ بلا قلب). نجد هذا القسم يُقدم أوصافًا تراكمية، تزدحم لتقدم مشهدا صعبا قاهرا، مرهقا، فوق أرض يحيق بها الدمار. ويأتي هذا ضمن تعابير من الأوصاف والاستعارات لتقدم المدخل كالطلقات للمشهد الذي يريده الشاعر، لتكون الكلمات التالية هي مدخل الأبيات (أرضٌ، هزيمةٌ، حبرٌ، نهايةُ، بحرٌ يشيب، نهرٌ من الأملاح، تعبٌ، حربٌ، وقتٌ قتيل، شايٌ، صمتٌ، موتُ، ذئبُ، حبلُ الغسيل، ملابسٌ، كتف المحارب، دبابةٌ، موجٌ من النيران، ليثٌ بلا قلب). عند التمعّن في هذه الكلمات، نجدنا أمام تعابير توحي في معظمها على معانٍ سلبية، وإن استخدمت كلمة قد تحمل معنى ايجابي كالبحر مثلا، فألحقها الشاعر بصفة الشيب، وهذا الشيب من الفزع والحزن على الثكالى كما فسر البيت، بذا افتتحت هذه الكلمات العشرون، أبيات هذا القسم، بتعبير مكثف، يحمل معنى الضيق والدمار والموت، والحزن الذي عمّ على الأرض. في الشطرتين (الاسمُ للأسماء\ رمزٌ أو مثال) يأتي في رأيي مفتاح رمزية القصيدة، وخاصة عندما تظهر عبارة “ظبي” للمرة الأولى في البيت رقم 32. عقب الشطرتين القسم الثانييبدأ بـ “ظبي غفا للمرة الأولى كما طفلٍ ينام وقد علا قلق الرصاص” في هذا القسم يتوقف بحر الدم عن التدفق، ويحلّ سكون الطائرات، لتبدأ مرحلة من السكون والشهادة على الدمار، لتكون الغفوة الأولى للظبي. وهنا إن أخذنا الكلمات الأولى التي تفتتح الأبيات، لرأينا رؤية متوهجة وتصاعدًا إيجابيًا لروح الحدث، ولكن عند فحص العبارة اللّاحقة أو الواصفة لمدخل البيت، ندرك أنّنا ما زلنا في مساحة مأساوية وحزن المشهد، وفي هذه المرحلة من قصة القصيدة نقف ونستوعب الدمار. إذ تُفتتح الأبيات ب (ظبيٌ غفا، شمسٌ تشيّع، قمرٌ يضمد، ضوءُ النزيف، نخلةُ الأشلاء، قمحٌ تيتم، بئرٌ تُجعدها، ماءٌ لا تمشطه، غيمٌ على غيم، كهلٌ يروّض، بيتٌ تقوس، شجرٌ من الأرواح، خيلُ الإرادة). وهنا قد نتساءل لماذا يستخدم الشاعر من جهة تعبير إيجابي في مدخل الاستعارة، ويُلحقها بتعبير سلبي؟  ويمكن أن نفهم، جدوى هذا للحفاظ على التوازن في هذا المشهد، الساكن نوعًا ما. القسم الثالثأمام كل التعابير الإيجابية التي وردت في القسم السابق وألحقت بأخرى سلبية، يبقي الشاعر النجم، ليتكلم. وللوهلة الأولى يظهر كلامه وكأنه غريبٌ لا علاقة له بما ورد في القسمين السابقين، خاصة أنّ المبنى الشعري يتحول من التفعيلة إلى العامودي. وفي البيت الثالث من هذا القسم، يطلّ إشعاعٌ النور الذي يربط هذا القسم بما سبق ورده.. إذ جاء فيه: (تسمو الفتاة وفيها السبي مملكةٌ\ والحزنُ شيخٌ على أبوابها خرف) والمقصود بالفتاة هنا هي فلسطين، وتستمر الأبيات اللاحقة لتخاطبها على لسان “النجم” لترفع من معنوياتها، وتدلل على عظمتها وحقها. كقوله (أنتِ القصائد لا يستاء شاعرها\ من شحّ معنى وفيك اللام والألف). كما ويسخر النجم أو الشاعر من العدو (من هم أولاء على الأطراف قد وقفوا\ من رجفهم كم تخال الأرض ترتجف)،  ويستمر ليصوره خاشيا من الأشباح، ويقول أنّ مقدرة السّيف إن لم تكن في كف الحق، تُخطف.  ويُظهر الشاعر أنّ كل ذاك الدمار الذي ظهر في القسم الأول لم يقلل من شأن فلسطين، بل زادها وهجًا كسبائك الذهب. مثلما ورد في الأبيات الثلاثة التالية (يدلي الركام بأنّ القوم قد جبنوا\ من يجهل المرءَ فالأفعال تعترفُ)(ما زادك القصفُ إلا وهج ساطعةٍ\ مثل السبائك لا حرقٌ ولا تلف)(أبناؤك الطهر في الآفاق مسكنهم\ في كل شبر خطى أقدامهم سعفُ)ويستمر الارتقاء والاعتداد، ليغلبَ صوت الشاعر المتقمص للنجم على شخصية النجم في بيت رقم 17، من هذا القسم حين قال: (نفديك فوق ثمين المال أنفسنا\ إنّ الفِداءَ فضاءٌ شمسه الشرف). ختام القصيدة يختتم الشاعر قصيدته بالعودة الى التفعيلة بقوله: (شعبٌ يراق لأنّه على قيد الوجودهم يقتلون لأنّهم ليسوا على قيد الوجودليسوا على قيد الوجود)تأتي هذه العبارة مبيّنة رأي الشاعر، خاتمة بطريقة فكرية عميقة لأقسام القصيدة الثلاثة السابقة.
في القسم الثالث من القصيدة يظهر القبض على ظبي المستحيل، وهو القبض على الأمل والروح الحيّة المتعالية والمتمردة على كل الدمار، الذي قد ينزل بما حولها. ليطلّ الظبي بجماليته ووداعته ورمزيته، وجهًا مهمًا لاستمرار الوجود، رغم كلّ الدمار والموت الذي يُعمله القاتل، الذي ليس واثقًا بوجوده.هذه القصيدة عامّة، من الممكن أن تنطبق على أي قطر تعرض لاعتداء أو احتلال، فلم يحاول الشاعر أن يمنح أسماءً للأماكن، لكنني اعتبرت هنا أنّ المقصودة هي فلسطين. حملت قصيدة “القبض على ظبي المستحيل”، تعابير واستعارات جميلة كما سبق الذكر، ولكن ليس هذا فقط ما يميزها، عن سائر قصائد الديوان بل أيضًا طريقة البناء، وطرح الموضوع، وتقديم قصيدة وطنية بأسلوب مختلف عن الدارج. وهذا أمرٌ يقع في صالح الشاعر، ويزيد ظبي القصيدة من وهج رسالة الديوان الرابع، في سماء الابداع الشبابي الفلسطيني.
وقال نمر القدومي:الوقتُ تهشّم .. الجهاتُ تكسّرت .. خريفٌ مُدجّجٌ بالفَناء .. ربيعٌ مُحرّمٌ .. شمسٌ عصبيّةٌ تضربُ الحياة بلُعابها الملتهب .. وبحرٌ كالحرباء يتلوّن، كلماتٌ عاقرة تفتقد إلى الرّوح والحياة، حُرقةُ شاعر أحاطَ به همٌّ وخطبُ حرائر. كتلةُ نصوص أدبيّة من المآسي والآلام يخطّها الشّاعر المقدسيّ “بكر زواهرة” في ديوانه الشِّعريّ الجديد “ظبي المستحيل”، مثله كمثل غيره من الأدباء والكتّاب الّذين تَقطُرُ أقلامهم حبرا برائحة الدّم الطاهر، ويخطّون لنا عواطفهم المُجمّدة. نسوا الفرحة والضحكة، وغرقت مشاعرهم في عالم مُظلم دون بصيص أمل أو لفحة فرج ؟ هذا الدّيوان الغنيّ بالقصائد القيّمة والثريّ بالمفردات العميقة والمعاني الصّارخة، يُحاكي الرّوح والجسد، ويُغلّف جدران القلوب بطعم الإنتماء الوطنيّ المُشرّف. في كلّ قصيدة هناك حكاية صعبة ومُرّة تُجسّد الواقع الأليم الذي يعيشه الإنسان في هذا الوطن الحزين. كلماتٌ مضيئة شعاعها يخترق الوجدان والإحساس، ويخلّد في القلب ضراوة الأوجاع التي يمرّ بها شعبنا؛ هو شعبٌ من ألف حزنٍ ليسَ يكتملُ فيه البكاء، ومن ألف شعبٍ ليسَ يكتملُ فيه العزاء.الشاعر “الزواهرة” وهو الآن في عمر الورد، حملَ في جوفه قلب أسد ليزأر بكل مشاعره الجيّاشة وقوّته المكبوتة في زمن القتل والظلم والعبوديّة. كتبَ بشجاعة ورسم باللّون القاتم فواجع الدّهر وإستبداد الطّاغية، في الوقت الذي نحن في أشدِّ الحاجة إليه. تكلّم بلسان حالنا وكأنّنا نتوق لمن يروي ظمأنا ويشفي صدوراً أعياها الصّمت القاتل داخل أحشائنا !!قد أحيد بقراءتي التّقليديّة هذا المرّة، وأتناول بمحض الفضول واللّهفة تلك النّفسيّات التي تقبع داخل شبابنا أصحاب القلم والفكر، وأصحاب الرّسائل الخالدة. نستطيع أن نجزم أنَّ هناك نفوسا مخلصة ووفيّة تخلّت عن الكثير مقابل القليل، سعادتها من سعادة الجميع، وجلّ وقتها وجهدها فداء لكلمة الحقّ. هذه النّفسيّات المتهالكة من الدّاخل والخارج، في ظلِّ ظروف الإحتلال القاسية، تمكّن منها أقوياء القوم ووضعوها على عرش المقاومة. فهذا شاعرنا في ديوانه الجديد، يدمج بين البُعد الإجتماعيّ والبُعد الوطنيّ والبُعد الإنسانيّ، لا ينفصم عن بعضها البعض، ونجدها منصهرة بشكلٍ مميّز وأسلوب بلاغيّ قويّ. أمّا التّواصل من داخل الأحداث ومعاينة حياة النّاس من نظرة ثقافيّة وأدبيّة، يعتبر أمرا حيويّا بالنّسبة للشّعراء والأدباء، كما تُضفي نبضا خفّاقا في صدى النّصوص الأدبيّة.من الغريب أن يُصبح اللامعقول هو رغبتنا، والمساحات التي لا يدركها العقل البشريّ هي موطن جمالنا، أوجاع الشّاعر من أوجاع النّاس مدى الأنجاد، والبعد عنهم مشنقة بلا أعواد، يبقون يموجون في صدره وفكره. أمّا قصّة عشقه لوطنه فتبقى الرّائدة فوق الأطياف. نجد أنَّ الشّاعر في نصوصه الأدبيّة يذكر الموت كثيرا، ويعود سبب ذلك إلى صعوبة المعاناة من ضيق العيش، وعليه فقد صوّر لنا تلك الحياة الطيّبة والسّعيدة  ما بعد الموت، وكأنّه يُناجي السّماء للخلاص من تعب الجسد والرّوح، فيقول لنا “من رأى الحور لا يستذكر الألما”.يتغلب الشّاعر على نفسيّته فيحررّها ويُحرّر جسده بخياله المكتوب على الورق، فيخرج من ذاته الأولى لينتصر الوجود على الفَناء، ويغنّي في أعماقه “لولاكَ يا أملَ الحياة”. لقد أمتعتنا وأشقيتنا أيّها الشّاعر، فقد قيّدتَ عواطفنا المبعثرة بسلاسلكَ الذّهبيّة، وكتاباتك المشوّقة. استخدمتَ لغة مشحونة بالمرارة وعناء مكابدة الزّبد، فناديتَ من كلِّ أرجاء الأرض المسلوبة، أن ردّوا لنا وجه الحياة وطعمها المسروق. نحن شعبٌ لن ننام في قعر البئر، فكلّما سقطنا نهضنا من جديد لنواصل النّضال، ففي قاموس الثّقافة لا يوجد متّهمون وأبرياء، بل يوجد عقل أو لا عقل، ضمير أو لا ضمير. أمّا الشّاعر “الزواهرة” فكان منارة أدبيّة مقدسيّة مضيئة من العطاء المتميّز والجميل.
وكتبت نزهة الرملاوي:قبض على ظبي المستحيل. قصائد شعرية أهداها الكاتب إلى المتمسكين بإنسانيتهم في لحظة التحول إلى اللإنسانية … وإلى القابضين على الحرف كيلا يكتئب الكتاب .وإلى كل ما هو جدير بالحب.من خلال هذه الكلمات نستخرج ما قد يدفعنا الى شغف المتابعة.ظبي غفا للمرة الأولىكما طفل ينام وقد علا قلق الرصاص، شمس تشيع ما تشاء من الضحايا الأمهاتقمر يضمد حزنه ضوء النزيفونخلة الأشلاءقمح تيتم فوق بيدره العزاء ص ١٦هي بعض السطور مما أتحفنا به الشاعر بكر زواهرة… لقد تجلت قدرات الشاعر في استخدامه التشبيهات والكنايات، والاستعارات والبلاغة.. مما ساعد على تكوين صور خيالية مبعثها حقيقة بحتة تتنفس الألم والشقاء والحروب والتشرد في حياة شعبنا الفلسطيني…لقد انتهز الشاعر موروثه الثقافي التاريخي والديني ، فأخذ يمرر بعض الأسماء ذات الدلائل والاشارات الواضحة لما يتطلبه الفكر أو إتمام المعاني في القصائد…كهزيمة في جيش “جينوس” فالقارئ يدرك أنّه محارب قائد  …وحين استحضر اسم( هيجل) اتبعه فلسفة الوجود، أمّا ( المعتصم ) والنجف دلالة على خليفة عباسي حكم العراق، وقد استعار الشاعر من قصص القران الكريم قصة ( يوسف) وإلقاء قميصه، وقابيل وهابيل…والمسيح ووجع النبي ونوح وسفينته …أضف إلى ذلك أنه استحضر في نفسه بقايا الأندلس، وشبه الشوق بورد مفترس ص٩٣. وقد أشار الكاتب بقصائده إلى أزمات الوطن العربي مثل قوله وجدت سودانين .. وعشرين عراقا ..وفلسطين تذوب وداعش والأنطمة المزمنة والكرسي المتعاقب ص ١١٢… وإن دلّ ذلك يدل على ثقافة الشاعر الكبيرة، وهي ذات رؤية محددة لا تعرف العبثية…وتواكب الأحداث بألم وإحساس مرهف ملون بالإحباط تارة وبالأمل تارة أخرى…كذلك استخدام الشاعر المفردات التي تدل على العواطف مثل الشوق والتحنان والحب  وركام الأحاسيس والخوف والحزن وغير ذلك.وأكثر الشاعر من الكلمات التي تميز بها كتاب وشعراء الوطن، والتي تدلّ على الشجاعة والاحتجاج والبقاء والسجان والدخان، والقنابل والطائرات والجنازات والشهداء والحرية والعروبة، والجنود والمنفى والحجر والدّم والأشلاء.تميزت بعض نهايات القصائد بحزن عميق يا نوح أنقذنيفثور مثل حجم البحر يلتهم التراب… خذني معك ص٩٤وبعضها كان مفعما بالأمل.قيس ينسى بها ليلى فيجهلهافمن رأى الحور لا يستذكر الألما ص ٧٦مثل العدالةلا تضيق أمام أمواج الزمان لولاك يا أمل الحياة ص ١٠٣تميزت قصائد الشاعر الزواهرة باتجاهات وطنية وانسانية ثابتة، عنوانها الصمود والتحدي والشجاعة.. لذا نرى الشاعر قد حاكى هموم الشعب، وتغنى بأمجاد العروبة، أضف إلى ذلك العتاب الذي تواجد في بعض السطور نتيجة التخاذل الساكن في قلب الأخوة العرب مثل:تضيع بلاد أو تباع شعوبهاويصنع دين كي يليق بفاجرووجه ربيع قد تصحر غيمهوكل عميل قد يقاس بثائر. ص١٢١يحق للشاعر ما لا يحق لغيره، من هنا نرى أن قفز الأفكار في القصيدة جاء بعفوية مدعومة بفنتازيا شعرية راقية. وقد تنوعت أساليب الشاعر في بوح قصائده فتارة نراه التزم الشعر الحرّ القائم على وحدة التفعيلة.ومرّة أخرى نراه استخدم الأوزان الشعرية كما هي في القصائد الكلاسيكية.. وقد استطاع دمج الأسلوبين في قصيدة قبض على ظبي مستحيل…لغة الشاعر لغة سلسة مفهومة، تشد القارئ بايحاءاتها وصورها البليغة وثناياها التي تخبئ الأمل والأحلام المنشودين في حياة شعب مقهور، فها هو يسلب الضعف ويقوي العزائم حين يقول : قلمي سيف وسيفي قلموفي الحالتين أنا أكتب الحبولا أقتل..ص١٥٠عام على حلم لا زال يرضع فاسد الأثداءمدن تدلت إلى بئر الجحيم لينزف التاريخ آخر فخرنا الباقيعلى جسد العزاء ص٨٧هنيئا لنا كتابا سطروا من أوجاعهم تفاصيل الكرامة..
وقال عبد الله دعيس:الحرب والانتصار في ديوان ظبي المستحيلهل يغفو الظبي وقد أحاطت به المخاطر ولا يدري متى تنقضّ عليه الأسود؟ وهل ينام الطفل وقد علا صوت الرّصاص؟ وهل الجمال والدعة، التي يمثّلها الظبي، وبراءة الأطفال، تكون رادعة لأنياب المفترس ورصاص القنّاص، وقد أصبح الأطفال وقود الحروب وضحاياها؟! وهل يُقبض على الظبي؟ وهل يُودِّع الأطفال البراءة؟ وهل موتهم وطحنهم ينهي الحلم بالحريّة والنّصر؟ نبحر في ديوان (ظبي المستحيل) للشاعر بكر زواهرة، نبحث عن إجابات لهذه الأسئلة التي يستفزّها الشاعر في أذهاننا، بكلماته الموجزة، ومعانيه التي تختفي خلف الكلمات والصور الشعريّة الرّائعة.  في قصيدة (قبض على ظبي المستحيل) التي حمل الديوان اسمها، يصوّر الشاعر الحرب بصورة قاتمة مرعبة، حيث يتذوّق النّاس فيها طعم البارود، والغزاة تشعّ وجوههم موتا، والبنادق تزرع الموت الزؤام، والطائرات والدبّابات تجلب الدمار.كتف المحارب نجمة صبغت دماففضاؤها في الخوف طيّار ترفّع بالسقوطِإلى الحضيضتزني فروج الطائراتِ فحمْلُها يلد الدّماردبابة من قوم لوطٍقرب جمع الأنبياءويصف الشاعر الأعداء بأنّهم لصوص الحياة التي يسلبونها دون رحمة، لكنّ الحرب ستكون حتما وبالا عليهم، فهي:حرب تكرّ على المُحاصِربالجدار وبالغباروبعد هذا الوصف، وتلك الصور التي تشخّص الحرب وترسمها بأبشع صورة، يتحوّل جَرْس القصيدة فجأة، وينتقل الشاعر من الشعر الحرّ إلى الشعر العمودي؛ ليرسم الأمل في التّحرير والخلاص والنّصر، ويبشّر بمستقبل زاهر مشرّف. هذا التّحول الذكيّ في القصيدة، يستحضر الماضي التليد ويرسّخ الأصالة بالرجوع إلى النسق التقليدي في الشّعر، ليعطي دلالة أن النّصر على هذا العدو الغاشم لا يكون دون الرجوع إلى أصولنا وحضارتنا. ويصوّر الشّاعر العدو، رغم جبروته وقوّته وسحقه للأخضر واليابس، بالجبن والخذلان. وما يعمد الأعداء للدمار بآلاتهم الفتّاكة عن بُعد إلا لجبنهم وخوفهم من المواجهة. فيقول:من هم أولاء على الأطراف قد وقفوا              من رجفهم كم تخال الأرض ترتجفُإن المزايا مزايا الأمس ذاهبة                      حوك العناكب دون الرّيح ينجرفُتوهم الكون أن السيف مقدرة                      إن لم يكن في كفوف الحق ينخطفُلم يمسك الخوفَ إنسانٌ بهيئته                     خوفُ الغزاة من الأشباح يختلفُيدلي الركام بأنّ القوم قد جبنوا                      من يجهل المرء فالأفعال تعترفُثم يقارن بين الأعداء وبين ضحاياهم فيقول:شعب يراق لأنّه على قيد الوجودهم يقتلون لأنهم ليسواعلى قيد الوجودليسوا على قيد الوجودوالشاعر يتألّم لمشهد الأطفال الذين يقعون ضحيّة الحروب والصّراعات، ويُبرز معاناتهم في عدد من القصائد وباستخدام الصّور المختلفة التي تهز نياط القلوب، وتضع الإنسانيّة أمام صورة القتل والتعذيب، بينما الصّخب الإعلاميّ حولهم لا يخفف من آلامهم شيئا، فيصبح الطفل المذبوح كالنبيّ الذي ضحّى من أجل الخلاص وعانى من أجل الأمّة. يرسم الشّاعر صورة بشعة جدا لموت هذا الطفل قبل أن تتفتح براعم الحياة لديه، والذي سُقي الرصاص بدل الحليب، وينتقد العجز أمام هول ما يصيب الأطفال.والعجز تمثال يقدَّس في الهزيمةلا يكذب الأطفال في رسم الفراقفي الحرب كم كذب الرصاص على الحليبويمعن الشاعر في التّعبير عن وحشيّة الأعداء في اعتدائهم على الأطفال، فيقول:والذئب يفتش عن أخوة يوسففي أضلاع محمدفي إشارة إلى قتل محمّد الدرّة ومحمد أبو خضير، ويضيف:لماذا يجعلني أعدائي أتذوقطعم (الهولوكست)وطعم البنزينلكنّه لا يقف عاجزا أمام ذلك ولا يائسا، فمن يدري فربما كانت دماء هؤلاء الأطفال إيذانا بحياة جديدة ونصر آت، تماما كما كانت الفتيل الذي فجّر انتفاضة غضب ضد الأعداء. فالشاعر يبدو واثقا من المستقبل، يرى الحريّة المفقودة ولا يشكّ بأنّها ستعمّر في بلادنا في نهاية المطاف.لا شكّ في حريّةكالطائر المجهولتهدم ما توهمه الغزاةمن الحصارويضع الشاعر يده على سرّ الضعف والهزيمة، ألا وهو كبت الحرّية وتسلّط الحكّام، والخوف من الأعداء رغم ضعفهم.أن تكتب شعرا في الحكاموضد القمعوفي اليوم التالي تُعطى جائزةلا تُقتلفاللامعقول هو الأجمل***الخوف هو المحتل الأكبروكلّ المحتلين هم الخوف الأصغرويرى الشاعر أن الحرب التي نشنّها على أنفسنا هي الأنكى والأخطر:نموت  – – ونحياونحيا – – ونموتلا نعرف من يقتلناوالقاتل يتكرر في نفس المشهد ونقيم الحرب على أنفسناثمّ يعود الشاعر ليدعو للكفّ عن الحرب وتحكيم العقل فيقول:ردّوا لكم ثوب الربيعودفّئوا عريّ السرابوحنّطوا البارود
أمّا رشا السرميطي فقد كتبت:الديوان تغريدات لفكر غنيٍّ بمقطوعاته الملوَّنة التي احتوت فصول المعاني على تقاسيم قلم صاحبه يحيا بروح شاعر.غلاف الديوان الذي تربَّع عليه عنوان ” المستحيل ” بالقرب من شمعة تذوب ببطء، وأكمام من الأزهار رسمتها ظلال التأمل والأفكار الدافئة، ما هي إلا إشارات لطول الصَّبر والانتظار الذي ولد بعده هذا الديوان، أيضًا جسد لرجل وجسد آخر لامرأة، وبعض الدِّفء المكنون في كتب مهمشة على طاولة البوح، هكذا رسم لنا المشهد ليختصر الشاعر بكر زواهرة فكرة الديوان، ومن يعرف قراءة الصُّور، لا بدَّ عرف ذاك الظَّبي أو رآه، فمن المتعارف عليه بأنَّ الظبي من فئة المخلوقات الرَّقيقة المعروفة بحريَّتها، ونعومة حضورها، وما هذه إلا سمات طغت على قصائد الديوان التي بالطبع عكست شخصية كاتبه، إنَّ الغزلان تعدو في الجبال سريعًا، وبكر زواهرة عدا بنا مسرعًا بين عدة موضوعات وتأملات ذاتيه تفرد بها؛ ليقدمها لنا في ديوانه الأخير:” ظبي المستحيل”. موضوعات القصائد كانت مزجًا من حب الوطن، المرأة، البعد الرُّوحاني، اختلطت بمفاهيم الموت والحياة وما خلف المجهول، البكاء، الحزن، الفرح، الأمل، الرِّثاء والهجاء، ومابين سطر يعلو وآخر يهبط بهدوء أنهيت الكتاب، وقد كانت لي بعض الباقات قطفتها من قصائد الديوان، أذكر منها:الصور اللغوية محكمة البناء ومتينة التكوين، في قصيدته ” هديل الفطام ” يقول: كم مس طفلي في الفطام هديل/ سرب الدموع من الحنان سلام/ ويحار حرفي في تصور روحها/ في رسم روح يعجز الرَّسام. وصف بديع وتصوير يزيد من شغف القارئ لينهل المزيد من هذه القطع اللؤلؤية. الخيال الخصب والتصوير في اللغة، حيث يرى القارئ ويشاهد تفاصيل الكلمات المكتوبة وكأنها لوحة رخام مزخرفة تفنن شاعرنا في نظم تفاصيلها، يقول في قصيدة ” قبض على ظبي المستحيل”: أرض على وشك الزفاف/ هزيمة في جيش “جينوس ” الأخير/ حبر سماوي على شوق الرمال/ نهاية الأشياء ميلاد جديد. ويقول في قصيدة ” للمحمدين “: لايوجد متسع في/ قلب الأيام ولا أوقات/ لروايات تعلو فوق العصر/ كرايات من لحم الأنهار.بدت القصائد سرديَّة مشوِّقة بها موسيقى هادئة لأنَّ كلماتها ذات نغم، يقول في قصيدته: وأعتلى جمل العناكب/ في متاهات الكهوف/ خسارتي وهج عليل/ في الدليل على القليل/ أنا المحل باليراع/ وبالصِّراع.وجدتُّ اللغة عالية في بعض القصائد وبها من التوصيفات البلاغية والأدبيَّة ما أعجبني، وقد حملتها من محطة للأخرى بذات الفرح، فما برحت أن بدأت قراءتها حتى أعدتها، يقول: الآن أبصر في الوريد/ قصيدتي الأولى/ وأحضن نخلة الأحلام/ في تمر الحضور/ فكل ما قد قلته بالأمس/ كان هواء أروقة على ورق الذُّبول… الآن قد أصبحت غمدك/ فاغمدي في القلب جسمك والحياة/ أنت انتصاري في الزمان على الزمان.المرأة تربعت مليكة على عرش بكر زواهرة كسائر الشعراء، فنظم لها قصيدة يقول فيها:” كأس/ اذا كانت فارغة أو ناقصة/ لا تسمى بكأس لأنك كاملة الجمال/ سميتك بالأنثى”.برزت عدة مفاهيم تطرق لها الشاعر في قصائد ديوانه، منها: الموت، الحياة، الفرح، الحزن، الأمل، الشوق، الوجع، والبدايات الجديدة، كما كان لديه عمق في البعد الفلسفي إذ بدا جليًّا حتى رأينا الشاعر يتحدث ويحاكي نفسه عن العالم الآخر خلف المجهول فكانت له قصيدة بعنوان:” اللامعقول” كم أعشق ما خلف العقل/ ما خلف العقل هو المعقول/ فالثلج على وجه الصيف/ رسم للريح على النيران/ إن يحترم الزمنن الطاعن في الإجرام/ النفس بخطوات للخلف – يتقدم/ بالفكر فاللامعقول هو الأجمل.كثير من قصائد الديوان حملت رمزية غاضة في رسمها أذكر منها قصيدة ” دخان الحروف ” يقول الشاعر: في جسمي خارطة الوطن العربي/ للون الأحمر لون ” أو وجه أسود” / والأسود ابن النار الحمراء/ النهر تحول منذ الأوجاع إلى قلق.يبقى للحب طيفًا في قصائد الشعراء، يقول في قصيدة ” قمر بشري” من هذا الوجه تطل/ قصائد من قمر بشري/ وسماء تكتبني/ لمعانًا يتراكم/ .. وما أجمل قربان العينين/ لو كان القربان كلوحات/ يرسمها الموت بريشة/ روح تسعى للقبس الرباني.في قصيدة ” إلى سميح القاسم ” قدَّم بكر زواهرة رثاء يليق بشاعر الجليل سميح القاسم وقد أبدع في نظمها، يقول: في أضلع الزيتونن قبرك – لا التراب/ في جبهة الأيام فجرك – والكتاب/ ونسميك الوطني/ يكتب في البلاد تقدموا..لم تغب الحكمة عن قصائد وكذا التأملات العميقة، فمثلا يقول: لا شك عندي/ في مساحة دمعة سقطت من الفرح/ المخبأ في الجفون/ ستطرد الأملاح/ من طعم البحار/ لا شك أن بذور أحرفنا على عظم الصنوبر/ أو على أوجه الشاشات/ سوف تصبح مهجة الأجيال والخبز المكمل للوجود/ لا شك عندي.. لاشك عندي. ” طائر الشمس لا الشك “.يشكل ديوان ظبي المستحيل انجازًا مميزًا للشاعر بكر زواهرة، الذي ينبئ بروح شبابيَّة شعريَّة وشاعريَّة تأتي بالجديد والتجديد، لكنَّني أنصحه بتقليل حجم الغموض والرَّمزيَّة التي قد ترهق القارئ في فهم التفاصيل، وادراك المهفوم والفكرة وكذلك الشعور الذي نظمه عبر القصائد.

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات