رواية “فانتازيا”والربيع العربي

ر

صدرت رواية “فانتازيا” للأديب المقدسيّ سمير الجندي قبل أيّام عن دار الجندي للنّشر والتّوزيع في القدس، وتقع الرّواية التي يحمل غلافها الأوّل لوحة للفنّان التّشكيلي العراقيّ فاخر محمد، في 152 صفحة من الحجم المتوسّط.

جاء في موسوعة ويكيبيديا:” الفنتازيا هي تناول الواقع الحياتيّ من رؤية غير مألوفة، ما يعني أن هنالك شكّاً في عالم الرّواية إن كان ينتمي إلى الواقع أم يرفضه، وفي نفس الوقت هو معالجة ابداعيّة خارجة عن المألوف للواقع المعاش”.

وفي معجم المعاني الجامع” فانتازيا(الثّقافة والفنون) خليط من أحداث دراميّة تجمع بين الفكاهة والتراجيديا”.

ويبدو أنّ الكاتب سمير الجندي أراد تجريب الفانتازيا في كتابته، فجاءنا بهذا النّصّ الرّوائيّ، خصوصا وأنّه جاب عواصم الأقطار العربيّة من خلال مشاركة “دار الجندي للنّشر والتّوزيع في القدس” التي يملكها الكاتب قد شاركت في “معارض الكتاب الدّولي” في هذه العواصم، وسمير الجندي المولود في القدس، ويعيش فيها، زار العواصم العربيّة وهو يحمل أفكارا ورديّة عمّا عرف بالرّبيع العربيّ، الذي انطلق من تونس عندما أحرق الشاب محمّد بوعزيزي نفسه في 17 كانون أوّل-ديسمبر- 2010 احتجاجا على رفض الشّرطة التّونسيّة قبول شكواه ضدّ شرطيّة تونسية صفعته على وجهه، وانتقلت عدواها إلى مصر، ليبيا، اليمن، سوريا وغيرها. وبما أنّ الشّعوب العربيّة بنت آمالا كبيرة في تغيير أنظمة الاستبداد التي دمّرت العالم العربيّ وأخرجته من التّاريخ، إلا أنّها صدمت بأنّ “هذا الرّبيع” لم يكن سوى خريف أحرق الأخضر واليابس، وزاد العالم العربيّ خرابا على خراب، لكنّ صدمة سمير الجندي-كما أبناء شعبه الفلسطينيّ كانت كبيرة، وبحجم الأمنيات الكبيرة التي بنوها على “هذا الرّبيع” وحلموا من خلالها أن يتمّ تحريرهم وخلاصهم من الاحتلال.

من هنا يبدو لي دافع سمير الجندي لكتابة روايته”فانتازيا”، أو على رأي مثلنا الشّعبيّ”هيك مضبطة بدها هيك ختم”، أيّ أنّ التّطوّر اللامعقول لما يسمّى بالرّبيع العربيّ، أملى وجود أحداث غير معقولة في رواية “فانتازيا”. لكن سمير الجنديّ خلط الواقع بالخيال، فتجواله في مدينته القدس، وحديثه عن حاراتها، بعض مقدّساتها، أسواقها، بعض حاراتها، أزقّتها وشوارعها أمر واقعيّ، وكأنّي به يُذكّر العربان بالمدينة العظيمة التي أضاعوها، لكنّ “ربيعهم” أخطأ البوصلة.

وانسجاما مع فكرة الكاتب الجنديّ بعبثيّة الواقع العربيّ، التي تفوق الخيال، فقد التفّ على المألوف في بناء الرّواية العربيّة، وخاض التّجريب في سعيه للحديث عن المرحلة، فتلاعب بجماليّات اللغة وبالخيال الخصب؛ ليأتينا بهذا العمل الأدبيّ، والقارئ لاصدارات الجندي السّابقة سيلاحظ كيف طوّر الكاتب لغته، وكيف كان جريئا في الخروج على المألوف في فنّ الرّواية. وأعتقد أنّه جاءنا بجديد لم نعتده من قبل. على أمل أن نرى رأي النّقاد والأكّاديميّين بهذا الجديد.

3-1-2016

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات