انهاء المقاومة مقرون بانهاء الاحتلال

ا

ما كانت اسرائيل لتجرؤ بالقيام بهذا العدوان الواسع على قطاع غزة لولا حالة الهوان والتردي التي يعيشها النظام العربي الرسمي ، الذي يتواطأ اقليميا ودوليا لتصفية القضية الفلسطينية حسب الأجندة الاسرائيلية والامريكية .

وقد استغل الحزبان الرئيسان الحاكمان في اسرائيل وهما ” كاديما ” والعمل ” الظروف الاقليمية والعالمية لرفع أسهمهما الانتخابية امام اليمين الاسرائيلي المتطرف،والمتمثل في حزب الليكود بزعامة بنيامين ناتينياهو ،في الانتخابات النيابية القادمة في التاسع من شباط المقبل ، حيث اعتادت الاحزاب الصهيونية ان تجتذب الأصوات اليمينة والمتطرفة من خلال الإيغال في سفك الدم الفلسطيني والعربي . وواضح ان اسرائيل قد استغلت حالة التردي والانقسام العربي الرسمي ،واستغلت الفترة الانتقالية التي تعيشها الولايات المتحدة الامريكية في نقل السلطة من جورج دبليو بوش الى الرئيس المنتخب باراك اوباما . لتشن غاراتها الاجرامية على مليون ونصف مليون فلسطيني يعيشون في قطاع غزة في مساحة تقل عن مائتي ميل مربع -380 كيلو متر مربع – بعد ان حاصرتهم الى حد التجويع لمدة تزيد عن عام ونصف .

ويخطئ من يصدق الزعم الاسرائيلي بأن هذه العمليات الحربية الواسعة تأتي لمنع اطلاق صواريخ القسام البدائية على  ” التجمعات المدنية الاسرائيلية ” ،فهم بهذا يغمضون عيونهم على الاحتلال الاسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة القائم منذ اثنين واربعين عاما، هذا الاحتلال وما يصاحبه من مصادرة الاراضي والبناء الاستيطاني اليهودي في الضفة الغربية ،ومن تعديات وصلت الى اهلاك البشر والحجر والشجر .

وهذا الاحتلال هو أصل المشاكل وأصل العنف ليس على الساحة الفلسطينية فحسب ، بل يتعداها اقليميا وعالميا .

وما الهجوم البربري على قطاع غزة ، وهذا القصف الجوي بطائرات ” ف 16 ” والذي استهدف المؤسسات الرسمية والأمنية في غزة ، ولم يتورع عن هدم البيوت الأمنة على رؤوس ساكنيها، والمساجد والمدارس وجامعة الاقصى ، الا محاولة بائسة ويائسة لتصفية المقاومة الفلسطينية ،ضمن الاجندة الامريكية والاسرائيلية لتصفية المقاومة في لبنان والعراق وافغانستان وغيرها ، ففي حزيران عام 2006 هاجمت اسرائيل الاراضي اللبنانية لتصفية المقاومة اللبنانية وعلى راسها حزب الله تمهيدا لبناء مشروع مشروع الشرق الاوسط الجديد ، الذي لم تتورع وزيرة الخارجية الامريكية عن الاعلان عن بدء تنفيذه من وسط العاصمة اللبنانية بيروت التي كانت تتعرض للقصف الجوي المكثف من سلاح الجو الاسرائيلي ،ظنا منها ان العدوان قد حقق اهدافه .

وها هي اسرائيل تعاود الكرة مرة اخرى باستهداف قطاع غزة لاجتثاث المقاومة الفلسطينية ،وفي مقدمتها حركتا حماس والجهاد الاسلامي ،بعد ان قامت بحملة دبلوماسية على المستويين العربي والاقليمي من جانب، وعلى المستوى العالمي من جانب آخر .

فايهود باراك وزير الدفاع الاسرائيلي وزعيم حزب العمل يريد ان يعيد حزبه الذي شاخ واستنفذ مهماته الى صدارة الاحزاب الاسرائيلية ، وكذلك اولمرت رئيس الحكومة الاسرائيلية وتسيبي ليفني وزيرة خارجيته وزعيمة حزب كاديما يفعلان الشيء نفسه . فكلا الحزبين يعيشان مرارة الهزيمة بعدم تحقيقها اهدافهما العدوانية على لبنان في حزيران 2006 ، ويريدان تعويض ذلك بتدمير قطاع غزة ، واخراج حماس من دائرة السيطرة على قطاع غزة .

واذا كنا نختلف مع طروحات حركة حماس ، ومع انقلابها على شرعيتها في 14 حزيران 2007 واستيلائها على السلطة في قطاع غزة ، فإننا لا نختلف على وجود حماس كفصيل رئيس يحظى بتأييد الألوف من ابناء شعبنا ،ولا نختلف على ضرورة انهاء الاحتلال الاسرائيلي لكافة الاراضي العربية المحتلة في حزيران 1967 ،وحق شعبنا في التحرر والاستقلال وتقرير المصير واقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس الشريف ، وقبل ذلك نؤكد على حق شعبنا – خصوصا في قطاع غزة – بالعيش الآمن والكريم .

ومن هنا فإن العمل والأولوية على كافة الصعد من اجل الوقف الفوري للعدوان الهمجي على شعبنا في قطاع غزة ، وانهاء الحصار الجائر عليه وفتح المعابر ، والضغط على دولة الاحتلال كي تنهي احتلالها الذي طال امره .

وعلى من يحلمون باجتثاث المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق وافغانستان وكل البلدان الواقعة تحت الاحتلال ان يتعلموا من التاريخ، وان يعلموا انهم واهمون ، وان المقاومة ستبقى ما بقيت احتلالات ، وان المقاومة تنتهي بانتهاء مبررات وجودها فقط ، ومبررات وجودها هي الاحتلال وهضم حقوق الشعوب الواقعة تحت الاحتلال .

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات