رواية”أميرة” في الصالون الثقافي في طولكرم

ر

طولكرم-فلسطين- 29-11-2014: استضاف الصالون الثقافي في طولكرم، والذي تشرف عليه وتديره النّاشطة أسمهان عزّوني، ويعقد جلساته الشّهرية في مكتبة بلدية طولكرم، الأديب المقدسيّ جميل السلحوت، وبعد أن قدّم الشاعر عبد الناصر صالح الأديب الضيف، جرى حوار مع الكاتب الذي تحدّث فيه عن شيء من طفولته الذّبيحة ومعاناته، جرى نقاش حول روايته الأخيرة”أميرة” الصادرة قبل أسابيع قليلة عن دار الجندي والنشر في القدس، شارك فيه عدد من الحضور.

بدأت النقاش الطالبة في الرحلة الثانوية شهد محمد فقالت:

الرواية مزيج من تراكيب الحياة المختلفة بما فيها الفرح، الترف، الخذلان، التوبة، الوجع، التشرد، الألم، الحسرة.

استخدم الكاتب في روايته لغة بسيطة لا تعقيد فيها، ومعانيها سهلة، وكانت قادرة على التعبير بطريقة استثنائية في وصف الأحداث، وطغى على الرواية  عنصر التشويق، من مطلع اصفحتها الأولى حتى الاخيرة.. تم وصف الأحداث بدقة متناهية، جعلت القارئ يتعرف على شخصيات الرواية، وبتخيلها بل ويعايشها، وعنصر المفاجأة وجد في كل صفحة – تقريبا- كما وجد عنصر المصادفة المعقولة، شخصيات الرواية واقعية بعيدة عن أي مبالغة.

ما لفت انتباهي حقا في الرواية هي الأهازيج والأغاني الشعبية، التي هي جزء أصيل من موروثنا الشعبي، وما يمثله في حفظ وبناء وترسيخ هويتنا الوطنية.

وكذلك اختيار اسم”محمد عيسى” بن عباس والذي يرمز الى التآخي بين مسلمي ومسيحيي بلادنا، وهذه قضية مهمة في بناء نسيجنا الاجتماعي والحضاري.

وقد أوجعتني فقرة النهاية حيث لم تصدق الطفلة أميرة أن لها والدين غير حنا وجورجيت،

وفي النهاية أقول للكاتب: شكرا لأنك فلسطيني، وأجدت العزف على أوجاعنا بدقة.

وقالت سوسن نجيب عبد الحليم:

جميل السلحوت جوهرة وطنية ثمينة… وفكر خصب مستنير

شاء لي ان أحضر مناقشة  رواية ” أميرة ” الصادرة ام 2014 عن دار الجندي للنشر والتوزيع في القدس،  لشيخ الكتاب الفلسطينيين جميل السلحوت في مكتبة بلدية طولكرم بتنسيق من المربية الفاضلة اسمهان عزوني .. كم كان كاتبنا رائعا ومتواضعا حين تحدث بإسهاب عن تجربته الناجحة بالكتابة، رغم ظروفه الصعبة التي عاشها منذ ولادته في القدس في عصر مضطرب أشد الاضطراب، سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وعقائديا.  فقد تشربت روحه بجمال ذاك المكان الساحر، وتفتحت مشاعره ونمت ملكات الأدب لديه، وتهيأت له عوامل التفوق بسبب حبه للعلم والأدب.

روايته ” أميرة ” التي تحكي قصة شعب لاقت اعجاب واستحسان كثير من القراء الكرميين.  وأثار فينا حب الوطن، وأعاد الى أذهاننا حب الفداء  ليستجيب لها نبض الدماء. رواية تحكي قصة واقع أليم عشناه ونعيشه، ولا زالت أحداثة تتوالى، وكأنه مسلسل وجع وألم شعب سرقت منه أرضه بعد ان بنوا مجدا… ليمنحوها لشعب بلا أرض، وقد كانت فلسطين ملجأً على مر السنين لكل من ظُلم.

قرأنا تاريخ القضية الفلسطينية فكنا  شاهدين على الأصالة التي تمتع بها شعبنا على مرّ السنين، عاداتنا وتقاليدنا، تراثنا، فرحنا وألمنا والظلم الذي وقع علينا . فقد تقطعت أواصرنا في الشتات، لملمنا وجررنا خيباتنا وقلوبنا تعزف لحن الفداء.  بعد ان كانت لنا قصور هنا، أبدلوها ” بالمخيّمات الفلسطينيّة للاجئين ” هناك !. شعرنا في القلب جرح يريد العتاب بعد أن دُنست أرضي بخمر الأغراب… تحدث عن وجع الشتات والتغريب و الحياة الاجتماعية في قرية بيت دجن وفي يافا والقدس قبل عام 1948، حياة الأغنياء وكذلك الفقراء، وتقطع أواصر الدّم والنّسب خلال النكبة، وما بعد النكبة، وما تركته طبيعة العلاقات بين الإنسان الفلسطيني والصهيوني… تنقل  الكاتب بنا في جولة في ربوع الوطن، تجولنا معه في شوارع القدس  العتيقة نتصفح قصص أجدادنا التي باتت منسية، ثم  نشمّ رائحة السنين وعبق البيارات في بيت دجن، وقصص العشق الأزلية في أزقة يافا. وسمعنا صرخات الثوار من داخل سجون الإنتداب البريطاني، ورفض الشعب لقرار التقسيم ( 181) الذي اعطى الصهاينة أرض بلا شعب-حسب زعمهم-

نساء فلسطين كان لهن نصيب في رواية الكاتب، حيث أبرز دورهن القوي رغم ما يعانيه مجتمعنا الذكوري من تمييز ضدّ المرأة . فقد كانت ولا زالت المرأة الفلسطينية تواصل  مسيرتها النضالية عبر جميع اشكال العمل الوطني.  فباعت ما تمتلكه من مصاغ لتأمين البندقية، وقامت بدورها في تأمين المعدات والسلاح والغذاء والمعلومات. واحتلت الأهازيج التراثية مساحة في القلوب، حيث اضفت للرواية مزيدا من الثراء  والعمق التاريخي.

أحداث الرواية واقعية، تتجدد كلما مرّت السنون؛ لأن الإحتلال ما زال جاثما على ارض الوط، ولا زال يسيطر على اجزاء من الأرض ويوسّع احتلالاته في كل مكان. رواية ” اميرة ” كانت عبارة عن صور حية عشناها ونعيشها، وهي واقعية وان كتبها وصاغها الكاتب بأسلوبه الأدبي الرائع فهي واقعنا، شعرنا بكل حرف كتب بالرواية فلامست قلوبنا ونبضت بالعاطفة لأرض حرمنا منها، ومزقها الحقد والتطهير العرقي..

حلمنا بالعودة ، وتمنينا أن نعود الى أرض الوطن، كما عادت أميرة لوالديها، ولسان حالنا يقول متى سنتجاوز الصمت لنُسكت الحنين؟ ومتى نكتب إنا وجدنا وطنا في زحمة تشتتنا واغترابنا؟

وكتبت وفاء بياري:

رواية (أميرة) والاستفادة من التاريخ

رواية أميرة…أميرة القلب فلسطين الحبيبة التي تحدث الكاتب فيها بابداع وتميز ..عن قضية شعب بأكمله …له  تاريخه وحضارته المتميزة….وعراقة وأصالة تراثه…عاداته وتقاليده…طموحاته وأحلامه…حيث لم يترك جانب إلا وتحدث عنه بأسلوب أدبي مشوّق..بجذب القارئ لقراءة متواصلة…وأكثر ما لفت انتباهي في الروايه هو ابداع الكاتب في تمريره للمعلومات التاريخية من خلال قالب روائي ممتع، بعيدا كلّ البعد عن الشعور بالملل.

ركز الكاتب في روايته على مواضيع عديدة تمحورت (حول جانب من تاريخ نكبة فلسطين عام 1948) مستعرضا جوانب من تاريخ بلادنا من أيام حكم الدولة العثمانية..مرورا باتفاقية سايكس بيكو 1916ومرحلة الانتد اب البريطاني الذي مهد لاقامة وطن قومي لليهود، من خلال قراره الغاشم (وعد بلفور 1917)وقيامه بتسهيل وتشجيع الهجرات اليهودية عبر البحر الى بلادنا…وبدعم من دول الغرب الاستعمارية…وامريكا…وما نتج عن ذلك من ردة فعل من قبل شعبنا وخصوصا رجال الثورة….حيث أظهرت الرواية صورة مشرقة ومشرَفة لمرحلة جديدة من النضال الفلسطيني ضد الوجودين البريطاني واليهودي…والذي أسفر عنه وقوع العديد من الثورات الوطنية الشعبية..ومن ثم معارك ومجازر وحشية تعرض لها شعبنا الفلسطيني…أدّت نتائجها الى قرار التقسيم الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة…ومن بعدها وقوع الكارثة الكبرى…النكبة التي نتج عنها انتهاك الأرض وتشرّد الشعب، وما ألمّ به من تيه وضياع..فقر وجوع..وجع وهم.. لوعة وفقدان..غربة وتشتت.

تتحدث الرواية أيضا عن شخصيات تمثل شرائح اجتماعية متفاوتة متأثرة برواسب الحكم العثماني في ذلك الوقت…تمثلت بطبقة الاقطاعيين…والفلاحين والعمال..والمثقفين.

برز في الرواية(دور مهم للمراْة في النضال )…من خلال تشجيع (سعدية) لزوجها ( عباس ) لشراء الأسلحة … ودور (مهيبة خورشيد) رئيسة جمعية الأقحوان في نشر الوعي بين النساء للمشاركة في الثورة، كما ورد في الرواية أسماء شخصيات حقيقية من أمثال الشيخ عز الدين القسام، عبد القادر الحسيني، بهجت أبو غربية، الشيخ ياسين البكري، الشيخ عبد الفتاح المزرعاوي، أحمد علي العيساوي و غيرهم من ابطال فلسطين.

تحدث الكاتب في روايته عن موضوع التمييز بين حب الأهل للذكور وتفضيلهم على الأناث مثل تفضيل (محمد عيسى ابن عباس) على شقسقته الصغيرة “أميرة” التي شعرت بدونيتها محاولة ببراءة وغيرة طفولية قتل أخيها المولود حديثا، كما تحدث عن عادات اكرام الضيف … وعادات طلب يد بنت العم الطفلة الى ابن العم المولود حديثا.

في بداية الرواية عاد بنا الكاتب الى ذلك الزمن الجميل… والأيام الخوالي متمثلة ببساطة الحياة و العلاقات الطيبة وترابط الأسر، ومتانة النسيج الأجتماعي في ذلك الوقت.

أمتعنا الكاتب في ابداعه في جمال وروعة وصفه لمنزل (طاهر المحمود) وسط البيارات والحدائق الغناء، ووصفه المبدع للبلدة القديمة للقدس حيث باب العامود وسوق باب خان الزيت وسوق العطارين وغيرها… والمسجد الأقصى وكنيسة القيامة كما امتعنا بتلك الأهازيج التراثية … والحكم والأمثال الشعبية والقصائد الوطنية… كما ان الرواية أيضا لم تخلُ من النصوص الدينية التي تؤكد دائما على قدسية أرض بيت المقدس وأكنافها.

في آخر الرواية يظهر مدى اصرار الشعب الفلسطيني على الأستمرار في الحياة و حبه و تشبثه بها… بالرغم من عمق الجراح والآلام التي حلّت ولا تزال تحل به .. إلا أنه بقوة ارادته يلملم جراحه دائما، ليعود مرة اخرى ليقوى على الحياة بقوّة وعزم وارادة.

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات