علي الدّيك والفنون الشّعبيّة

ع

مع أنّني لا أتابع البرامج والمسلسلات التلفزيونيّة، إلا أنّ أحد الأصدقاء لفت انتباهي منذ أكثر من عام إلى برنامج فنيّ يقدّمه الفنّان السوّريّ المبدع علي الدّيك، اسمه” غنّيلي… تاغنّيلك” وتبثّه فضائية” الجديد” اللبنانيّة مساء كلّ سبت، ومنذئذ وأنا أتابع ذلك البرنامج إذا ما سمح وقتي بذلك، وعلي الدّيك فنان سوريّ أصيل لمع نجمه بأغنيته الرائعة”علّوش” التي جابت الآفاق بعدما تمّ تصويرها”فيديو كليب” وبُثت آلاف المرّات على شاشات الفضائيّات العربيّة ومحطات الاذاعة، وسُجّلت على “كاستيات”. والبرنامج الذي يتمّ تصويره في قصر لبنانيّ تاريخيّ، جرى تصميمه” البرنامج” ليكون برنامجا للفنّ الشعبيّ، وبالتّالي فهناك زوايا في جنبات القصر للماشية وللخيول، وللدجاج البلدي، وللمطبخ الشعبيّ وتقدّم في كل حلقة وجبات من الأكلات الشعبية المعروفة في بلاد الشام، وهي ليست عفويّة بمقدار ما هي مدروسة للتعريف بهذه الأكلات، ويشارك الفنّان علي الدّيك في تقديم هذا البرنامج فتاة لبنانية اسمها”اجريس”.

يستضيف البرنامج في كلّ حلقة من حلقاته التي تستمرّ لساعتين فنّانا أو فنّانة من المطربين الشعبيين المهتمين بالفنون الشعبية كالزجل والعتابا والميجانا وغيرها. وهناك فرقة دبكة شعبية تظهر مصاحبة لبعض الأغاني أكثر من مرّة في كلّ حلقة، إضافة إلى فرقة علي الدّيك الموسيقية.

وبالتأكيد فإن من اقترح هذا البرنامج كانت له أهدافه التي تتمثل بابراز الفنون الشعبية، لادراكه التام لأهميّة هذه الفنون، التي هي واحدة من مكونات نسيجنا الثقافي، وهويتنا الوطنية، وليأتي كردّ أو مقابل للفنون المستحدثة الخفيفة، ومن ضمنها  بعض الأغاني الرديئة التي تبتعد عن الطرب والفن الأصيلين، مع أنّها تستهوي فئات من الشباب، أو أنّه أراد بالفنون الشعبية أن يعيد اليها اعتبارها، وأن يضع أصالتها مقابل الأغاني المستحدثة.

وقد أحسنت فضائية قناة الجديد صنعا باختيارها الفنان الشعبي الجميل علي الدّيك وزميلته”اجريس” لتقديم هذا البرنامج، فالفنان علي الدّيك فنان عفويّ أصيل مطبوع، لا يتصنّع الفنّ، ولا يتصنّع في تقديم برنامجه، وهذا واحد من أسرار نجاح هذا البرنامج الذي يشاهده الملايين في أرجاء الأرض كافة.  فبعفويته وصدقه الفنيّ، وقدراته الفنيّة العالية، وسرعة بديهته، وخفّ دمه وحركاته يستطيع علي الدّيك ضبط فقرات برنامجه…ويقدّم لمشاهدي برنامجه وجبات فنيّة تجذبهم وتطربهم وتثري ذائقتهم للفنون الشعبيّة. وبالتأكيد فإن الفنان المبدع علي الدّيك يعلم – ومن خلال خبرته الطويلة في مجال الفنون الشعبيّة- ويدرك جيّدا مدى تأثير هذه الفنون على المتلقي، لأنّه يدرك أن الذائقة الفنيّة للشعوب العربيّة هي ذائقة شعبية، فيعزف لهم على ذائقتهم بعفويّة تامّة، وعلي الدّيك الذي يخلط في برنامجه الجدّ بالهزل، والنّوادر الشعبية بالمواقف الجادّة والملتزمة، يدرك جيّدا كيف يجذب مشاهديه، وبرنامجه لا يليق إلا بفنان مثله، لأنه يعي تماما “من أين يؤكل الكتف” فتحيّة له ولزميلته”اجريس” ولكل من يساهمون في تقديم هذه الحلقات الابداعية.

1-12-2014

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات