بدون مؤاخذة- التصعيد الاسرائيلي بدل العقلانية

ب

سارعت سلطات الاحتلال الى اغلاق المسجد الأقصى بعد محاولة اغتيال يهودا غليك الناشط في جماعات “أمناء الهيكل” التي تسعى الى هدم المسجد الأقصى، لبناء الهيكل اليهودي على أنقاضه، ممّا يعني أنّ الحكومة الاسرائيلية غير معنيّة بالوقوف على أسباب العنف والعمل على معالجتها، وسارع مسؤولون اسرائيليون الى اتهام الرئيس محمود عباس بالتحريض على العنف، وهذا يؤكد من جديد أنّ الحكومة الاسرائيلية تقوم بالتصعيد لتعطي لأذرعها الأمنية ذرائع لتقتل وتبطش وتهدم وتصادر لتنفيذ سياساتها الاستيطانية والتوسعية، ولتسريع عملية تهويد القدس العربية المحتلة. والسياسة الاسرائيلية التي لم تكن يوما راشدة تختلق الذرائع لتبرير عدوانيتها وخرقها للقانون الدولي وللشرعية الدولية.

فالمسجد الأقصى مسجد اسلامي خالص، بل هو جزء من العقيدة الاسلامية، ولا علاقة للديانات الأخرى به، ومع ذلك فان الحكومة الاسرائيلية قامت بتقسيمه زمانيا وتسعى الى تقسيمه مكانيا بسماحها للمتطرفين اليهود بانتهاك حرماته واقامة صلواتهم فيه تحت حماية الشرطة الاسرائيلية، بل وتعتدي على المصلين المسلمين وتمنع وصولهم للصلاة في المسجد.

ولو كانت الحكومة الاسرائيلية راشدة لشكلت محاولة اغتيال “غليك” ضوءا أحمر لها لمراجعة سياستها بخصوص المسجد الأقصى على الأقلّ. وبالتأكيد فإن مراكز الدراسات في اسرائيل تعرف تماما أهمية المسجد الأقصى بالنسبة للمسلمين، وأنّ أيّ مساس بهذا المسجد سيشعل حروبا دينية سيعلم مشعلوها متى يبدأونها، لكنهم لم ولن يعلموا متى ستنتهي، لكنها بالتأكيد ستحصد أرواحا كثيرة، وستتعدى حرائقها حدود الاقليم، وستهدد السلم العالمي. وستطيح بالكثير من العروش التي تشكل كنوزا استراتيجية لاسرائيل وأمريكا، لكن الحكومة الاسرائيلية اختارت التصعيد بدل العقلانية، وذلك لقناعتها بقدرتها العسكرية لتحقيق أهدافها، ولإيمانها بأن ما لم يمكن تحقيقه بالقوة يمكن تحقيقه بقوّة أكبر، وهذا تفكير يجانب المنطق والعقل، ولن يجلب إلا المزيد من سفك الدّماء.

وستستمر اسرائيل في سياساتها هذه ما دامت الولايات المتحدة الأمريكية تقفز على القانون الدولي عندما يصل حدود السياسة الاسرائيلية. وما دامت كنوز أمريكا الاستراتيجية في العالم العربي تحافظ على المصالح الأمريكية في المنطقة، ولا تجرؤ على قول كلمة “لا” لها وهو أضعف الايمان.

إن استمرارية الاحتلال الاسرائيلي للأراضي العربية هو المسؤول عن الدماء المسفوكة من أطراف الصراع كلها، وقد أثبتت التجارب الدّامية والمؤلمة أنّ القوّة العسكرية واستمرار الاحتلال لن تجلب السلام لأيّ من دول المنطقة ولا لشعوبها. وأنّ السلام هو الذي سيحفظ حقوق دول وشعوب المنطقة، وسيحقن دماء الجميع، وهذا السّلام لن يتحقق ما لم يتمكن الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير مصيره، واقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس الشريف، بعد كنس الاحتلال ومخلفاته كما نصت على ذلك قرارات الشرعية الدولية، وهذا ما لم تقتنع به اسرائيل وحليفتها أمريكا حتى الآن.

30-10-2014

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات