بدون مؤاخذة-ليس دفاعا عن الحجاب

ب

تردّدت كثيرا قبل الكتابة في هذا الموضوع، لكثرة بغضي وكراهيتي للطائفية، ولكل من يدعو اليها ولا يحاربها، فأنا من المؤمنين قولا وفعلا بأن الدين لله والوطن للجميع، لكن الحديث عن مدرستين خاصتين للبنات في القدس وموقف إدارتيهما من وضع طالبات في المدرسة الحجاب الاسلامي، ورفض الادارات لذلك تحت ذريعة أن وليّ أمر الطالبة يوقع على التزام ابنته بقوانين المدرسة عند تسجيله لابنته فيها. وأنا هنا لست في مجال الحديث عن الحجاب في الدين الاسلامي، تماما مثلما أنّني لا أزكي ولا أطعن ولا ألمز بسلوكيات من لا يرتدين الحجاب أو يرتدينه. لكن من حقي كمواطن مقدسي فلسطيني، وأعيش في مدينتي المقدسة الحزينة، مدينة التعدّدية الثقافية التي تتعرض لسياسة تهويد مبرمجة، أن أطرح رأيي للدفاع عن وحدة شعبنا بمسلميه ومسيحيية،  مع تأكيد دفاعي عن دور العبادة للمسلمين وللمسيحيين وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك وكنيسة القيامة. ودفاعي عن حق أبناء شعبي في ممارسة شعائرهم الدينية بحرية تامة في دور عبادته، وهذا ما اعتاده شعبنا وتربّى عليه عبر تاريخه العريق.

واذا كانت بعض المدارس الخاصة التابعة لكنائس تشترط على طالباتها وعلى أولياء أمورهن التقيد بقوانين المدرسة، فهذا حق لها كما هو حق لبقية المدارس. فمطلوب من الطلبة الحفاظ على النظام التعليمي وأخلاقياته. لكن دعونا نتساءل: هل من حق إدارة مدرسية أن تمنع طالباتها المسلمات من ارتداء الحجاب؟ وأليس في ذلك اعتداء على حرية العبادة؟ وهل من حق ادارة المدرسة أن تضع قانونا يمنع ارتداء الحجاب؟ خصوصا وأن أكثر من 80% من طالباتها مسلمات؟ وهل المدارس الخاصة في أيّ بلد في العالم تخضع لقوانين ذلك البلد أم لقوانين دولة أجنبية؟ وهل المدارس الخاصة تحترم ثقافة الشعب الذي سمح لها بافتتاح مدارسها أم تعمل على فرض ثقافات أجنبية عليه؟

قبل سنوات قليلة أثيرت في فرنسا ضجة حول منع الطالبات المسلمات من ارتداء الحجاب في المدارس الفرنسية، وبرّرت الحكومة الفرنسية موقفها بأن من يعيش في فرنسا عليه احترام الثقافة الفرنسية، ومن يرفض ذلك عليه أن يعود الى بلده، وقد أيّد الأزهر موقف الحكومة الفرنسية، وطويت بذلك صفحة الموضوع.

وإذا كان الشيء بالشيء يقاس، فهل من حق شعبنا على المدارس الخاصة التابعة لكنائس أن تحترم ثقافة شعبنا أم لا؟ وهل هذه المدارس مدارس علم وعلمانية أم هي مدارس دينية؟ فإذا كانت مدارس دينية فلا اعتراض عليها، وهذا يدعوها أن لا تقبل إلا الطالبات والطلاب الذين يتبعون لطائفتها الكنسية، تماما مثلما هي مدارس ثانوية الأقصى الشرعية، التي يدرس فيها طالبات وطلاب مسلمون يدرسون العلوم الشرعية الاسلامية، وبالتالي فإن من يدرسون بها يأتونها طواعية ويلتزمون بها، والمسلمون الذين لا يريدون دراسة العلوم الشرعية لا يلتحقون بهذه المدارس.

وللفت إدارات المدارس الكنسية الى الخطأ الذي ترتكبه بخصوص الحجاب فإنني أسألهم وأسأل من يؤيديهم بهذا الخصوص حول وجود طالب أو بضعة طلاب من إخوتنا المسيحيين، وبعضهم يضع سلسلة  معلقا فيها صليب على رقبته في مدارس إدارتها ومعلموها وطلابها مسلمون، فهل يجوز لأحدهم منع الطالب المسيحي من وضع الصليب؟ ولو فعلها أحدهم فماذا ستكون ردّة فعلهم؟

قبل بضع سنوات منعت راهبة مسؤولة عن المدرسة الأرثوذكسية”المسكوبية” في قرية العيزرية قرب القدس طالبة مسلمة من وضع الحجاب، وفي اليوم التالي جاء 90% من  الطالبات يرتدين الحجاب، وحصلت مشكلة بين ادارة المدرسة وأولياء الأمور، ولما حضر بطريرك الأثوذكس اعتذر لأولياء الأمور عن الخطأ الذي وقعت فيه الراهبة، وأكد على أن الكنيسة تحترم الديانة الاسلامية، وتحترم ثقافة الشعب الفلسطيني. فهل ستعتبر إدارات المدارس المتزمتة من موقف البطريرك الأرثوذكسي؟ أم ماذا؟

23-5-2014

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات