بدون مؤاخذة-ثقافة القتل والثأر

ب
عمليات القتل في االأراضي الفلسطينية أمر مفزع، ونأمل أن لا تتحوّل الى ظاهرة، أو الى مجرد خبر تتناقله وسائل الإعلام، أو إحصاء لعدد القتلى يضاف الى قوائم عدد الضحايا التي تنشرها دائرة الاحصاء، وبعض المنظمات الحقوقية، خصوصا وأن االشهرالأخير شهد عمليات قتل شبه يومية، منها قتل زوجتين على يدي زوجيهما، ومنها خنق طفل ابن ثلاثة شهور على يديّ عمّه، وخنق جدّة تسعينية على يدي حفيدها، وقتل شابة بريئة بعد اغتصابها من ابن عمّها وحرق جثتها، وقتل شباب بعد تعذيبهم والتمثيل بجثامينهم، ومنها عمليات انتحار لشباب في عمر الورود، وبغض النظر عن أسباب هذا القتل، إلا أننا نقف أمام جرائم بشعة ما كان يجب أن تقع، وهذا يستدعي وضع الحلول المناسبة والسريعة لها، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال قوانين رادعة، تحميها السلطة التنفيذية، ويطبقها القضاء العادل.
ونظرة سريعة لعمليات القتل التي تستدعي عمل دراسات اجتماعية وعلمية للوقوف على أسبابها، من أجل معالجتها واقتلاعها بشكل جذريّ، سنجد أن عمليات قتل النساء نتاج للتربية الذكورية القاتلة، ولعادة ما يسمى”القتل دفاعا عن الشرف!”، وهي إرث جاهلي مقيت ومرفوض في الأحوال كلها، وغالبا ما تكون ضحاياه بريئة، كما أن التربية العشائرية والقبلية التي تقدّس عمليات الثأر، وما يترتب عليها من تصعيد للخلافات التي تنشب في غالبيتها بناء على أسباب تافهة، لتتطوّر الى عمليات قتل بشعة، قد يذهب ضحايا لها لا علاقة شخصية لهم بالخلاف. ولتنتهي مؤقتا بـ “صلحات عشائرية” ليعود التصعيد طلبا للثأر بعد أشهر قليلة، ولتكون الخسائر أكبر مما كانت سابقا، وقد تصل الى جريمة القتل، وما يترتب عليها من قتل جديد، وما يتبعه من حرق للمتلكات والبيوت، وما يصاحب ذلك من إجلاء لعائلة القاتل بمن فيهم أُسَر لا علاقة لها بالجريمة، وما يصاحب ذلك أيضا من ترويع للبشر ومن ضمنهم النساء والأطفال والشيوخ.
ولا يحتاج المرء الى كثير من الذكاء ليعلم بأن القتل جريمة بشعة لا يقرها العقل البشريّ السّويّ، كما أنّها محرّمة دينيا، فجميع الديانات السماوية تحرّم القتل، وتحترم حياة الانسان.
قال تعالى في القرآن الكريم:” وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا” وقال “وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ” “وثبت في الصحيحين عن  أبي هريرة  رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: اجتنبوا السبع الموبقات…- وعدَّ منها-… قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق”.
وحتى القتل الخطأ لم يتهاون به الدين،  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من قٌتِل خطأ فديته مائة من الإبل، ثلاثون بنت مخاض، وثلاثون بنت لبون، وثلاثون حقة وعشرة بني لبون ذكور.” وإذا عفا ذوو القتيل عن القاتل ورضوا بالدِيّة فإنه تلزمه كفارة تزكية لنفسه وهي بالترتيب عتق رقبة مؤمنة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين.”
وإذا كان القتل هو عقوبة القاتل عمدا حسب الدّين، فإن المخول بتنفيذ العقوبة هو الحاكم وليس ذوي القتيل، وإذا ما أقدم أحد من ذوي القتيل على قتل القاتل، فإنه يُقتل به، وفي هذا دعوة لحماية القانون، لأن القانون يحمي الجميع. فما بالكم إذا استهدف الثأر شخصا آخر من ذوي القاتل؟
فهل يعلم القتلة ومن يقف وراءهم، أو يحرّضهم أمور دينهم ودنياهم؟ وإن علموا أو لم يعلموا فلماذا لا يوجد قوانين رادعة تجعل من القاتل عبرة لغيره؟
14-5-2014

جميل السلحوت:بدون مؤاخذة-ثقافة القتل والثأر   عمليات القتل في االأراضي الفلسطينية أمر مفزع، ونأمل أن لا تتحوّل الى ظاهرة، أو الى مجرد خبر تتناقله وسائل الإعلام، أو إحصاء لعدد القتلى يضاف الى قوائم عدد الضحايا التي تنشرها دائرة الاحصاء، وبعض المنظمات الحقوقية، خصوصا وأن االشهرالأخير شهد عمليات قتل شبه يومية، منها قتل زوجتين على يدي زوجيهما، ومنها خنق طفل ابن ثلاثة شهور على يديّ عمّه، وخنق جدّة تسعينية على يدي حفيدها، وقتل شابة بريئة بعد اغتصابها من ابن عمّها وحرق جثتها، وقتل شباب بعد تعذيبهم والتمثيل بجثامينهم، ومنها عمليات انتحار لشباب في عمر الورود، وبغض النظر عن أسباب هذا القتل، إلا أننا نقف أمام جرائم بشعة ما كان يجب أن تقع، وهذا يستدعي وضع الحلول المناسبة والسريعة لها، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال قوانين رادعة، تحميها السلطة التنفيذية، ويطبقها القضاء العادل.ونظرة سريعة لعمليات القتل التي تستدعي عمل دراسات اجتماعية وعلمية للوقوف على أسبابها، من أجل معالجتها واقتلاعها بشكل جذريّ، سنجد أن عمليات قتل النساء نتاج للتربية الذكورية القاتلة، ولعادة ما يسمى”القتل دفاعا عن الشرف!”، وهي إرث جاهلي مقيت ومرفوض في الأحوال كلها، وغالبا ما تكون ضحاياه بريئة، كما أن التربية العشائرية والقبلية التي تقدّس عمليات الثأر، وما يترتب عليها من تصعيد للخلافات التي تنشب في غالبيتها بناء على أسباب تافهة، لتتطوّر الى عمليات قتل بشعة، قد يذهب ضحايا لها لا علاقة شخصية لهم بالخلاف. ولتنتهي مؤقتا بـ “صلحات عشائرية” ليعود التصعيد طلبا للثأر بعد أشهر قليلة، ولتكون الخسائر أكبر مما كانت سابقا، وقد تصل الى جريمة القتل، وما يترتب عليها من قتل جديد، وما يتبعه من حرق للمتلكات والبيوت، وما يصاحب ذلك من إجلاء لعائلة القاتل بمن فيهم أُسَر لا علاقة لها بالجريمة، وما يصاحب ذلك أيضا من ترويع للبشر ومن ضمنهم النساء والأطفال والشيوخ.ولا يحتاج المرء الى كثير من الذكاء ليعلم بأن القتل جريمة بشعة لا يقرها العقل البشريّ السّويّ، كما أنّها محرّمة دينيا، فجميع الديانات السماوية تحرّم القتل، وتحترم حياة الانسان.  قال تعالى في القرآن الكريم:” وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا” وقال “وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ” “وثبت في الصحيحين عن  أبي هريرة  رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: اجتنبوا السبع الموبقات…- وعدَّ منها-… قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق”.وحتى القتل الخطأ لم يتهاون به الدين،  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من قٌتِل خطأ فديته مائة من الإبل، ثلاثون بنت مخاض، وثلاثون بنت لبون، وثلاثون حقة وعشرة بني لبون ذكور.” وإذا عفا ذوو القتيل عن القاتل ورضوا بالدِيّة فإنه تلزمه كفارة تزكية لنفسه وهي بالترتيب عتق رقبة مؤمنة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين.” وإذا كان القتل هو عقوبة القاتل عمدا حسب الدّين، فإن المخول بتنفيذ العقوبة هو الحاكم وليس ذوي القتيل، وإذا ما أقدم أحد من ذوي القتيل على قتل القاتل، فإنه يُقتل به، وفي هذا دعوة لحماية القانون، لأن القانون يحمي الجميع. فما بالكم إذا استهدف الثأر شخصا آخر من ذوي القاتل؟فهل يعلم القتلة ومن يقف وراءهم، أو يحرّضهم أمور دينهم ودنياهم؟ وإن علموا أو لم يعلموا فلماذا لا يوجد قوانين رادعة تجعل من القاتل عبرة لغيره؟14-5-2014

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات