بدون مؤاخذة-الحلول بيد أمريكا

ب

من يتوقع أن ترضح حكومات اسرائيل-سواء كانت برئاسة بنيامين نتنياهو أو غيره- لمتطلبات السلام فهو واهم، فالمشروع الصهيوني طويل المدى يقوم على التوسّع والاستيطان، وأطماعه تتعدّى حدود فلسطين التاريخية بكثير، والضعف والهوان العربي الرسمي يشكل دافعا قويا لتحقيق هذه الأطماع، فكلما ازدادت اسرائيل قوّة وغطرسة وتوسّعا، قابلها العربان بمزيد من الضعف والرّضوخ. وازدادت أمريكا في دعمها لاسرائيل، حتى أن الرؤساء الأمريكيين المتعاقبين كل منهم يزاود على سابقيه بأن أحدا لم يدعم اسرائيل أكثر منه، وهم بهذا يقولون الحقيقة، وقد أثبتت تجاربهم مع العربان بأنّ المصالح الأمريكية ومصالح حلفائها وعلى رأسهم اسرائيل، مؤمنة في المنطقة العربية في ظلّ اسرائيل قوية وعرب ضعفاء.

لكن الوقائع القريبة والتي تمثلت في ثورات” الربيع العربي”غرست الرّعب في قلوب أصحاب القرار في البيت الأبيض وفي تل أبيب أيضا، خصوصا بعد أن فقدوا كنوزهم الاستراتيجية في مصر وتونس،  وهم يحاولون استغلال هذه الثورات وتجييرها لصالحهم، بل انهم يغذّون الحراك الجماهيري في بعض الدول مثل سوريا، لضمان نتائجها سلفا لصالحهم بعد تدمير هذه البلدان وقتل الآلاف من أبنائها،  لكنهم يدركون أن ثورات الشعوب العربية لن تتوقف، وستبقى في حالة مخاض، حتى تتحقق رغبات شعوبها في الديموقراطية والتحرّر الحقيقي،  ومخاوفهم هذه قد تقودهم الى استباق انتصارات الشعوب بثوراتها بفرض حلول للصراع العربي الاسرائيلي، وهم يملكون ذلك، فهم قادرون على فرض حلول على حلفائهم في اسرائيل ولصالح اسرائيل، لانقاذها من أطماع قادتها اللامعقولة…والقادة العرب الذين لا يخرجون من بيت الطاعة الأمريكي سيهلّلون لذلك، وسيعيدون دور الرئيس المصري الراحل أنور السادات الذين كان يردّد بأن 99.9% من الحلّ بيد امريكا، واستعاد سيناء بناء على ذلك دون سيادة عليها في اتفاقات كامب ديفيد.

وأمريكا التي تغذي نار الفتنة الطائفية بين السّنّة والشّيعة في المنطقة، وجنّدت تركيا العلمانيّة وعضو حلف الناتو بسكانها”السّنّة” للوقوف في وجه المدّ الايراني”الشّيعي”، حيث تسعى ايران لتكون الدولة الاقليمية الأولى بعد احتلال العراق وتدميرة والعمل على تقسيمه، وبعد أن أخرج الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك مصر من دورها الريادي والقيادي في المنطقة، كما تسعى لكبح جماح ايران في مشروعها النوويّ السلمي، والذي قد يوصلها الى تصنيع الأسلحة النووية، وهي -أي أمريكا- بحاجة الى تجنيد الدول العربية للوقوف في وجه ايران، لتبقى اسرائيل هي الدولة القوية والنووية الوحيدة في المنطقة، فانها قد تسعى بشكل جدّي لفرض حلول في المنطقة، وانهاء الصراع العربي الاسرائيلي، بتصفية القضية الفلسطينية. وهي قادرة على تحقيق ذلك ضمن المعطيات الموجودة.

14-11-2013

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات