محمد عسّاف والنبوغ الفنّي

م

تابعت للمرة الثانية برنامج”Arab Idol “كُرمى لعيون محمد عساف، وأنا هنا لا أتعصب اقليميا لهذا الفنان الذي نبغ من بين ظهرانينا، وإنّما لكونه يسير بخطى حثيثة ليحتلّ مكانه كنجم طرب عربي، تماما مثلما فاخرنا ولا نزال بمحمد عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ، فريد الأطرش، أمّ كلثوم،فيروز، وديع الصافي، محمد عبده، كاظم الساهر، وغيرهم، ومن لا يعرف قدر الفنون لا يعرف الابداع، ولا يعرف دوره في هذه الحياة، مع أنه يحق لي ولأبناء شعبي الفلسطيني أن نعرف ساعات الفرح في ظلّ ليلنا الطويل ومعاناتنا التي تعجز الجبال عن حملها، ونحن هنا لا نخرج عن دائرة ثقافتنا العربية الموروثة، فقد كانت القبائل العربية تحتفل عندما ينبغ شاعر من أبنائها، لأنه كان يحمل رسالتها الى القبائل الأخرى ويذود عن حماها بإبداعه، حتى ان إحدى القبائل العربية كان أبناؤها يستحيون من اسم قبيلتهم”بنو أنف الناقة”لكثرة من هجوهم على هذا الاسم، فنبغ من بينهم شاعر وفاخر باسمهم قائلا:

قوم هم الأنف والأذناب غيرهم…..ومن يُسَوّي بأنف الناقة الذنبا

وبعدها شرعوا يفاخرون باسمهم…ونحن في أرض الرّباط أولى من يفاخر بمبدعينا، لأننا نعرف معنى الإبداع ومدى تأثيره على وجدان الشعوب الحيّة، فالشهيد غسان كنفاني قال عنه الآخر:(هذا”المخرّب”حارب اسرائيل بقلمه أكثر من كتيبة”مخربين” مسلحة)فاغتالوه لأن سلاحه كان قلما، وشاعرانا الكبيران الراحل محمود درويش وسميح القاسم – الذي نتمنى له الشفاء وطول العمر- خدما قضيتنا أكثر من دبلوماسية الجامعة العربية، ومبدعونا كثيرون وتأثيرهم كبير أيضا، وفنّانونا في مختلف المجالات لم ينالوا حظوظهم بالانتشار عربيا وعالميا نتيجة الحصار الذي يعيشه الوطن الذّبيح.

وفي ظلّ هذه المعمعة ينبغ الفنان الفتيّ محمد عسّاف خارجا من قطاع غزة المحاصر، من رحم المعاناة ليشدو بصوته العذب، وليتخذ لنفسه مكانا على ساحة الغناء الطربي العربي الجميل، حاملا رسالة جميلة لوطن يئن من طول ظلمة  الليل، وشعب يسعى لنيل حقوقه وتقرير مصيره، باقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس الشريف، بعد كنس الاحتلال وكافة مخلفاته، ومن هنا تنبع أهميّة دعم هذا الفنان والتصويت له فلسطينيا وعربيا، ففوز محمد عساف فوز لفلسطين وللعرب.

فيا أبناء شعبي وأمّتي صوّتوا لمحمد عساف لأنه يستحق، ولأنه يحمل رسالة وطن وشعب.

1 حزيران 2013

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات