قطة لا تقول

ق

قطـــــة لا تقـــــول نيــــــــاو

للأديبـــــة ليـــانـــة بــــــدر

القدس:

عن منشورات مركز اوغاريت الثقافي في رام الله صدرت في العام 2005 قصة

للأطفال بعنوان “قطة لا تقول نياو” للأديبة ليانة بدر، رسوم محمد صالح، وصفحاتها بدون ترقيم.وقد كانت القصة محور نقاش في ندوة اليوم السابع.

بدأ النقاش جميل السلحوت فقال:

المؤلفة أديبة فلسطينية معروفة كقاصة وكروائية صدرت لها عدة مؤلفات منها:-

1- بوصلة من أجل عباد الشمس – رواية – دار ابن رشد بيروت 1979.

2- قصص الحب والملاحقة – مجموعة قصص قصيرة – دار الهمداني – عدن 1983.

3- شرفة على الفاكهاني – قصص – دائرة الاعلام والثقافة في م.ت.ف – دمشق 1983.

4- رحلة في الألوان – قصص للأطفال – دار الرواد – بيروت 1981.

5- فراس يصنع بحرا – حكاية للأطفال – المؤسسة العربية للدراسات والنشر مع الورشة التجريبية العربية لكتب الأطفال – بيروت 1981.

6- في المدرسة – قصة للأطفال – دار الفتى العربي – بيروت 1983.

7- أنا أريد النهار – قصص – القطبعة الثانية – دار الأسوار – عكا 1986.

8- نجوم أريحا – رواية – مؤسسة دار الهلال – القاهرة 1993.

ونحن هنا سنلقي الضوء على قصة “قطة لا تقول نياو” للأطفال.

المضمون:

تتحدث القصة عن قطة حبيسة في قفص للدجاج في دكان يبيع البيض والدجاج، اشتراها طفلان شقيقان، وأخذاها الى بيتهما، وأسمياها وردة، لكنها لم تكن تموء او تصدر أصواتا كبقية القطط ، مع أنها أنجبت، وعلى عكسها ماء أطفالها، لكنها ما لبثت أن اختفت ولم تعد للبيت.

الهدف:-

تهدف الكاتبة من قصتها ان توصل للأطفال معلومة أن الذي يعيش حياة الأسر، ويرضى بها، ينقاد اليها ويألفها دون أي احتجاج، وهذا مخالف لسنّة الحياة، وبالتالي فهو يفقد مقومات العيش الكريم، فهل وفقت الكاتبة في ما رمت إليه؟؟ وبما أن القصة مكتوبة للأطفال فبعد قراءتي لها ثلاث مرات، أعطيتها لطفل وطفلة في الرابعة عشرة من عمرهما، وبعد قراءتهما لها، وجدت أنهما لم يفهما شيئا منها، ثم أعطيتها لآخرين في الثامنة عشرة من عمرهما، ولم يفهماها أيضا، علما أن اربعتهم من الأوائل في التحصيل الدراسي، ومن الذين يطالعون بعض ما يكتب للأطفال وحتى للكبار، وهذا بدوره يطرح سؤالا جدّيا على الكتاب الذي يكتبون للأطفال، وهو لأي عمر يكتبون؟؟ وما الفائدة المرجوة من الكتابة؟؟

فاذا كانت الفئة الموجهة الكتابة إليها، لا تفهم المضمون فإننا نجد أنفسنا أمام سؤالا أخر وهو: ما جدوى كتابة هكذا قصص؟؟

الاسلوب واللغة:-

استعملت الكاتبة اسلوب السرد القصصي في قصتها هذه، وقصتها هي أقرب الى فهم الكبار منها الى فهم الأطفال، ومع القدرة الفائقة للمؤلفة في الفن القصصي إلاّ انها لم تعط اللغة في هذه القصة العناية الكافية، فمثلا جاء في القصة “صار للقطة اسم، وفناء منزل، وطفلان يعطفان عليها” فسياق هذه الجمل يفيد أن الطفلين ابنان للقطة أكثر من كونهما مالكان لها.

وجاء في القصة ايضا “كانت تقف على رجليها الخلفيتين بباب المطبخ الزجاجي، وتدق بكفيها الاماميتين دون أن يطلع منها صوت” واستعمال كلمة “يطلع” هنا هو استعمال عامي، لأن الطلوع يعني الظهور، فنقول:- طلع القمر، أي بان وظهر، وعندما هاجر الرسول محمد صلوات الله عليه من مكة الى المدينة، وأشرف على المدينة، ورآه أهلها بالعيون المجردة، أنشدوا:-

طلع البدر علينا من ثنيات الوداع وجب الشكر علينا ما دعا لله داع

وكان يجدر بالكاتبة أن تستعيض عنها بكلمة “يصدر او يخرج”، خصوصا وأن القصة موجهة للأطفال، ومعروف أن من أهداف أدب الأطفال، هناك أهداف تعليمية، بما في ذلك تعليم اللغة.

وجاء في القصة أيضا “انتفخ بطن وردة، وصار عندها بعد أشهر قطط صغيرة…… وردة ترضع أولادها،………….” والسؤال هنا:- كيف انتفخ بطن وردة القطة؟؟ وهل انتفاخ بطن الأنثى يعني دائما الحمل؟؟ وماذا بالنسبة لانتفاخ بطون الذكور؟؟ ولماذا لم توضح الكاتبة أن وردة القطة انتفخ بطنها وحملت بعد أن تزاوجت مع قط ذكر؟؟ وهل حجب هكذا معلومة عن الأطفال مفيد تربويا وأخلاقيا؟؟ فمن المعروف ان الأطفال يشاهدون التزاوج بين الحشرات والحيوانات الأليفة وهم في بيوتهم.

قيم تربوية وتعليمية:-

في القصة أهداف تربوية وتعليمية منها:-

ـ الشجاعة وعدم الخوف “هناك من يخاف من العصا، وهناك من يلجأ الى الكذب بسبب الخوف، نحن لن نخاف ولن نقبل ان نكذب”.

– أن للحيوانات أصوات معروفة باستثناء الزرافة فلا صوت لها وحبذا لو أن الكاتبة ذكرت أسماء أصوات الحيوانات المرسومة في منتصف القصة.

– الرفق بالحيوان لا يكون بحبسه داخل الاقفاص.

– من يفقد حريته ويقبل بذلك يفقد قيما كبيرة في حياته.

الاخراج والرسومات:

لا شك ان اخراج القصة في كتيب، والورق المصقول المطبوعة عليه، والرسومات المعبرة التي رسمها محمد صالح خليل قد أعطت قيمة جمالية للقصة تجذب القارىء إليها.

ثم تحدث محمد موسى سويلم فقال:

قطة احضرها شخص، لماذا وضعها البائع في قفص ؟ ولماذا لم يطلقها ؟ اطفال يريدون تحرير قطة ويدفعان تحويشة العمر فداءاً لها . نشكر الطفلين على هذه التربية والروح العالية التي بدرت منهما ، وما هذا الجشع عند التاجر ؟ استغرب الاطفال عدم قدرة القطة على النطق ترى لماذا ؟ لم يتدخل الاب والأم لايضاح ذلك الى ان شاهدا برنامجا في التلفزيون، وعرفا ان الزرافة ايضا بلا صوت ولكن عرف سبب ذلك ” عدم وجود احبال صوتية بسبب طول عنقها ” انجبت القطة، واصبحت أمّا حنونا على اولادها، وفجأة اختفت وردة من حياة ابنائها واصحابها الجدد دون سابق انذار، كيف ونحن نعرف عاطفة الامومة لديها قوية؟ هناك سبب للاختفاء ، الموت مثلا او السرقة .. الخ

اصبح البحث عنها شغل الطفلين ،كل هذا بعيدا عن تشجيع الاهل لهما او النصح والارشاد خاصة في التعامل مع الحيوان، ورعايته وتقديم الطعام والمحافظة على الحيوان وعلى انفسهم ، ثم عن فلسفة الرفض ” حمدا لله ان لنا طرقا كثيرة كي نقول لا، فلماذا لا هنا في القصة؟ ” هناك من يخاف من العصا” فهل هذا اسفين في التربية الموجودة لدينا ام تمرد على الواقع التربوي الذي يلجأ الى اسلوب العصا؟ وعن الكذب بسبب الخوف وهل فعلا نحن نكذب بسبب الخوف فقط ؟ ام ان هناك تفصيرا كبيرا في تعليم عدم الكذب؟ وهل سيزول الكذب يوما ؟ تعهد عمار وهند بالاعتناء بالقطط الصغيرة حين عودة أمّهم، فهل ستعود الأمّ يوما؟ وهل حق العودة لوردة ” القطة ” مكفول من قبل شرائع الرفق بالحيوان او حقوقه اللهم اشهد .

اعتقد ان القصة ضمن ادب الاطفال تتحدث عن اكثر من جانب، ولعل ادب الاطفال من اكثر الاداب الانسانية شيوعا ،ولكنه من السهل المقنع نظرا لما يحتوي هذا الادب من المفاهيم والقيم التي بحاجة الى تعميق وعمق في الدراسة والتحليل، فمن المنطلق الديني بكل اطيافه مرورا باللغة باقحامها وعاميتها ولهجاتها التي تحتاج كل لهجة منها الى قاموس من التفاسير ، ثم الى علم النفس البشري من الطفولة الى الكهولة، بكل مراحل النمو الفعلي والجسمي والاجتماعي، ناهيك عن الوضع الحياتي في كل منطقة على حدة .

نعود الى قصتنا في الصفحة الاولى قطة خلف القضبان، وليس في قفص من اقفاص الدجاج المعروفة لكل الفلسطينيين، في الصفحة الثانية استغلال التاجر للأطفال ” قال البائع عندما لاحظ اهتمامها – هذه قطة معروضة للبيع ” في الصفحة الثالثة الحواشة غير مكسورة ،خاصة اذا لاحظنا انها تشبه حواشة من الفخار . في الصفحة قبل الاخيرة عمار يطعم القطة واصبعه مغطى بالطعام الا يمكن ان تعض القطة اصبعة.

ترى كم من الفوائد والاهداف التربوية في القصة؟ وكيف تمت ترجمة هذه الاهداف؟ وكيف سيتم التعامل معها ؟ولماذا يتم وضع اهداف كثيرة في قصة تهدف الى تربية وتعليم تلك الفئة من الاطفال ، الا يمكن الاكتفاء بهدف او هدفين للاستيعاب والتعليم والمسألة في بعض الاحيان .

وبعده قال موسى ابو دويح :

شخوص القصة هم هند وعمار وبائع الدجاج الذي باعهما القطة ، والمرأة التي حاولت شراء القطة من هند وعمار .

أما زمان ومكان القصة فغير مبينين فيها ، وفي القصة ثلاث عقد ، العقدة الاولى وجود قطة في قفص ، حلّت بشراء الطفلين للقطة من بائع الدجاج بكل ما ادخراه من نقود وحرّراها من سجنها، ونقلاها الى حديقة بيتهما، واسمياها وردة ، اما العقدة الثانية فهي اختفاء صوت القطة ، ولم تبين الكاتبة سبب اختفاء صوت القطة ، ولم تحل هذه القعدة ، والعقدة الثالثة هي اختفاء القطة وردة ،وتركها اولادها دون توقع او سابق انذار- كما تقول الكاتبة- ولم تحل هذه العقدة ايضا .

تفيد هذه القصة في تركيز موضوع الرفق بالحيوان في نفوس الاطفال ، ومحبة الحيوان وتخليصه من أي أذى يلحق به ، وتقديم العون والمساعدة له ، والعناية به ورحمته والحنو عليه ، وظهر ذلك في شرائهما القطة بثمن عال كما تقول الكاتبة ، بكل ما ادخراه ، وعنايتهما بالقطة عناية فائقة ، وسقيهما لاولاد القطة الحليب في الصحن .

وتعلم القصة اصوات بعض الحيوانات وذلك بكتابة حروف امام فم الحيوان تظهر الى حد ما صوت ذلك الحيوان .

وتحاول الكاتبة في نهاية القصة ان تركز عند الاطفال عملية الرفض وقول ( لا ) إذا فرض عليهم ما لايحبون ، والجرأة وعدم الخوف ، واجتناب الكذب .

ولا شك ان هذه القيم اذا ركزت في اذهان الاطفال ، تكون نتيجتها نافعة للمجتمع.

وقال ابراهيم جوهر بعده :

قطة ” ليانة بدر ” الصامتة تقول دون ان تنطق : لا تسكتوا ، عبروا عن ارائكم ، انها تعلم الطفل مجموعة من الأمور وهي :

1. ان نتكلم ونعبر عن رأينا ونرفض . ( لا احد يفهمنا اذا لم نعبر عن رأينا ) ، ( قالت هند : حمدا لله على أن لنا طرقا كثيرة كي نقول : لا اذا لم نحب ما يفرض علينا ).
2. الرأفة بالحيوان والرفق به.
3. ربط الألوان بما هو مألوف ( قطة بلون الشوكولاتة ، لها أذنان لونهما بني غامق ، وعينان خضراوان بلون الشجر ).
4. أن نواجه المشكلات والصعوبات بثقة ، وان نفكر في الحلول ، لذلك بدأت هند وعمار بجمع ثمن القطة معتمدين على نفسيهما في تدبر امرهما.
5. أن لا نيأس ، وأن نواصل التطلع لتحقيق اهدافنا ، لذلك لم تيأس هند وعمار من عودة قطتهما ( وردة )
6. دعوة الاطفال القراء للتفكير ومحاولة التوصل الى اجابات تفسر سبب عدم مواء القطة .
7. تعليم اصوات بعض الحيوانات والتعريف بها .
8. الصوت وسيلة للتعبير عن حاجة .

أمّا من الناحية الاسلوبية الفنية ، فقد تعمدت الكاتبة مفاجأة القارئ منذ السطر الاول حين قالت ” كان هذا غريبا فعلا” إذ وفرت التشويق الفني لجذب الطفل القارئ ، كما تعمدت إثارة الاسئلة في ثنايا القصة لدعم هذا التشويق، ودفع القارئ للتفكير والاشتراك في صياغة أحداث او اقتراح حلول ..

كما استخدمت الكاتبة أسلوب التوازي حين عرجت على ذكر برنامج التلفزيون، وتوقفت عند الزرافة التي لا تملك صوتا ، لقد وازت بين القطة وردة والزرافة لتؤكد اهمية الصوت للحيوان والانسان، ولتقدم معلومة معرفية للقارئ، وقد تعمدت الكاتبة ان يكون بطلا القصة ( هند وعمار ) انثى وذكرا لتؤكد أن المجتمع بنصفيه يكمل بنيانه ، وأنهما يجب أن يتعاونا ويتشاركا لتحقيق غايتهما .

بقيت الاشارة الى قضية التواصل في السرد او الوصف، والانتقال في الحدث اذ اعترى ذلك شيء من الانقطاع حين كانت تجيء الاحداث بعد قطع فجائي، والانتقال الى حدث جديد دون تمهيد، الأمر الذي قرب القصة من جو اللوحات المنفصلة لولا الخيط النفسي المتواصل في جو القصة العام ومضمونها .. ولعل هذا قد علق في اسلوب الكاتبة ( ليانة بدر ) عن طريق اعتياد قلمها على الكتابة للكبار .

ثم تحدف سمير جندي :

قصة مناسبة للأطفال فيها مجموعة من القيم التربوية والاخلاقية والتعليمية ، منها الرفق بالحيوان ” القطة حزينة ” وكأنها تريد ان تقول لنا انها وحيدة تعيش في قفص، على وجهها علامات الخوف والحزن، فيقدم الاطفال باحضار مدخراتهم وشراء القطة حتى يصبح لها ” اسم وردة ” وعائلة وحديقة”

ففي ذلك قيمة العطف على الحيوان، وقيمة تربوية وهي الاعتماد على النفس في شراء القطة من مالهم الخاص ..

اما اسلوب الكاتبة ولغة القصة :

فان الاسلوب لم يخل من التشويق من بداية القصة حتى نهايتها ،فهي تقول في السطر الاول ” كان هذا غريبا فعلا ! ” سؤال فيه اثارة ،وهذا يشكل عاملا تشويقيا مهما، والعنصر الاخر ذلك الاستغراب الذي انطبع على اسئلة الأطفال ” لماذا لا يصدر القط صوتا مثل بقية الحيوانات ؟ ” تقوم الكاتبة باجراء المقارنات مع الزرافة التي لا صوت لها مع بقية الحيوانات، وهنا اعتمدت القصة على التصوير والرسم، استخدمت الكاتبة اسلوب التصوير ، عندما صورت لنا القطة وكيف تعتني بصغارها .

أشارت الكاتبة بان القطة لا تصدر صوتا ، ولكن بقية القطط تصدر اصواتا بطبيعتها ، وتلك اشارة ان هناك مشكلة ما مع صوت القطة ، الامر الذي اثار تساؤلات كثيرة عن السبب، وهذا بحد ذاته عنصر تشويق ايضا .

وفجأة فقدت القطة، واختفت دون سابق انذار، وبقي صغارها وحدهم، فكان البديل ان قدم لها الحليب بالصحن، وهذه اشارة لطريقة العناية بصغار الحيوانات عندما تفقد امهاتها، وهي قيمة تعليمية ايضا .

وهناك قيمة اخرى وهي الوفاء ، عندما أخذ الطفلان يبحثان عن القطة في كل مكان، وهذا الاهتمام يشكل قيمة جيدة ومهمة في حياة الناس ..

اما تسلسل القصة فكان منطقيا وفيه الحبكة والموضوعية … ولغتها مناسبة للاطفال ..

وانصح بقراءتها ..

وبعدة تحدث خليل سموم فقال :

قصة ملأى بالاستثناءات ، والالتواءات ، والتعقيدات، والاقتحامات، والتشعبات، حيث بائع دجاج يعرض قطة للبيع محشورة ” في قفص مخصص للدجاج، وطفلان يشتريان قطة – رغم ثمنها العالي – دون استشارة والديهما ، وقطة لا تستطيع المواء ، وقطة تختفي دون سبب واضح رغم حاجة صغارها لها ، واقحام دون مبرر لموضوع الزرافة وجمالها وعدم وجود صوت لها ، ونجاحها في الهرب من صيادها ، وسيدة تحمل القطة دون استئذان تريد شراءها ، واقحام موضوع الرفض عند الانسان ، وعدم ظهور الوالدين في القصة، وكأن الطفلين يعيشان وحدهما في البيت .

القصة محزنة في بدايتها ، وفي وسطها ، وفي نهايتها ، وخلت تماما من عنصر التفاؤل ، وهذا شيء مضر بالطفل القارئ ، حيث على كاتب ادب الاطفال تغليب عنصر التفاؤل على عنصر التشاؤم في كتاباته للاطفال .

والشيء الأسوأ الظاهر جليا في القصة هو رسوماتها ، فالرسومات بلا استثناء لا فن فيها . ومما لا شك فيه ان تقديم رسوم جميلة للاطفال يساعدهم على تذوق الفن ، لكن رسومات هذا الكتاب خلت تماما من الجمال ، فهي بالتالي لا تساعد الاطفال على نمو تذوقهم للفن، وصحيح ان هذه الرسومات فيها بعض الحركة ، لكنها حركة ساكنة ، هذا بالاضافة الى ان بعض الرسومات لم تكن متطابقة مع المحتوى.

ورغم ما سبق ، فالقصة لم تخل من بعض القيم التربوية الايجابية المتناثرة هنا وهناك، مثل دفع الطفلين ثمنا عاليا لتحرير القطة ، وبحثهما المستمر عن سبب عدم مواء القطة ، ورعايتهما لابناء القطة خلال غيابها .

وبشكل عام ، فان الموضوع الذي تطرقت اليه الكاتبة جيد ، لكن المضمون كان تشاؤميا ، ومخلخلا ، وخاليا من البساطة ، مما يشتت ذهن الطفل القارئ.

وبعده تحدث حسن طه فقال :

نتطرق في ندوة اليوم السابع وفي المؤسسات التعليمة ايضا كما يتطرق الجمهور الخاص من العاملين في مجال الطفل لقصص الاطفال التي شاع انتشار العمل بها في الاعوام الاخيرة، واصبحت ظاهرة عملية خصبة تلاقي رواجا اكبر حجما وادارة اكثر قيمة ، متقاطعة في ذلك مع عمل الكثير من المؤسسات والمراكز التعليمية الخاصة، ودور النشر الممولة في معظمها من جهات اجنبية، تتجلى سياستها الشاملة وانطلاقا من هذا التحديد العملي بالدعوة الى الانفتاح الشامل على الثقافة الغربية بمقوماتها العديدة، وبدءا بالادب الموجه للطفل العربي، ونتشارك في هذه العملية وتتصدى لها كذلك اقلام نخبوية عربية في المباشرة والتوجيه .

تتسابق قصص الاطفال الحديثة نحو مفهوم الرمز في القصة، وتحتمل القصة في هذا ما لا يحتمله النص القصصي في آلية تشكيلتة ونوع صياغته في الكثير من القصص، وتظهر اهمية الرمز في اضافة ابعاد اخرى للعمل القصصي، ويظهر دوره كعامل يساعد على انتشال تلك القصص، ويحدد لها الهدف، لما له اهمية في مداعبة الخيال، وحث للاطفال على التفكير، وهو ايضا يضيف دعامة للبناء القصصي الموجه نحو هدف ونتيجة تحيلل القصة، وتدفع بذور القصة نحو بلوغ منهجي في ظل ذلك قد يكون من المبكر مخاطبة هذا النوع من قصص الاطفال .

فاذا كان الرقص نوعا من انواع الفنون، فان اشكاله المتعددة واتجاهاته المختلفة ما بين طبيعية او تجريدية او رمزية ” بورنوغرافية في الغالب تتبعا نحو جذور الدلالة الفنية ” لا يتيح المجال للراقصات اتقان جميع اشكال الرقص، ويتيح للجمهور قراءة اشكاله دون محاكاة اهدافه، ولا يتيح للناقد كذلك قراءة احد اشكال الرقص الذي تؤديه راقصة بعينها ،في مشاركة ما بين احساس ذاتي، واحساس تقني الا من خلال ذوق خاص، واذا كانت قواعد العمل الفني ثابتة ” نوعا ما ” في معظم مقاييسها، فذلك لا يعني ايضا انه يشكل عائقا امام انطلاق الفنان في الابداع ، مما يتيح لذلك الفن الحيوية والتجديد على مراحله الزمنية والمجتمعية ، كل ما تقدم يدعونا الى تحديد سؤال في هذه المرحلة .

هل قصص الاطفال غاية ام وسيلة ؟

في قراءتنا هذا الاسبوع لقصة الاطفال ” قطة لا تقول نياو ” تتعرض في قراءتنا ايضا لكاتبة من الطراز الثقيل في العمل الكتابي -خصوصا في مجال الاطفال- فالكاتبة ليانة بدر تعتلي صهوة مقومات العمل وتقفز فوق ميدانه، في مسابقة لاهثة لبلوغ نهاية المضمار، وقد يكون ضروريا تجاوز القراءة التي تعتمد اساسا في تحليل النص، فالكاتبة اشبه في عملها بتلك الراقصة المشار اليها، يتنازعها احساسها الداخلي والتقني معا ،ويتنازعها مباشرتها وتوجهها واتكاؤها على الرمز، وقد يبدو هذا جليا في معظم مسار القصة، ويبرز هذا بوضوح من خلال تلك اللمسات المقحمة في خطتها الكتابية .

ففي بدايات قصتها التي اغتمدت السردية في العمل، وارتكزت الى حوار الشخوص في صناعة اجوائها والتبليغ عن ذات القصة بطريقة محببة في العمل ، تقدم تساؤلا خطابيا وتجيب عليه : هل رأى احد الحزن على وجه قطة ؟

ربما كان الرعب … ” سببه ”

وفي نهايات القصة تساؤل ايضا :

لماذا لم تستطع القطة ان تهرب وترجع الى بيتها ؟ وتجيب على لسان احدى شخوص القصة ” الطفلة هند ” لتضع الافق العريض امام تفجر طفولة قوية .

إذا حاول احد ان يأخذني الى أي مكان رغما عني فاني لن ارضى – الحمد لله ان لنا طرقا كثيرة كي نقول لا .. فتجاوزا عن بعض المفردات التي لم توفق الكاتبة في استخدامها مثل: وتدق بكفيها كانت كلمات النص واضحة قريبة من لغة الطفل، تخاطب احساسه الفذ، وطفولته العاقلة تحمله على الاستمتاع ،وتدفع بالتشوق فيه الى حدوده الممكنة ، واشتملت القصة على العديد من القيم التربوية والتعليمية بطريقة سردية ناعمة، وحققت عناصر القصة توازنها الطبيعي، فكانت شخوصها بسيطة واضحة، جعلت منها معادلة قصصية في ظل الابعاد اللامحدودة التي هدفت اليها الكاتبة، كل هذا بصورة سريعة تشير الى قدرة الكاتبة في الوصول الى عقلية الطفل والتلاحم مع احساسه .

والقصة تعبر كذلك عن ظلالها فتترك ذاكرتها في ذهن الطفل .

لا بد قبل ان انهي قراءتي ان اشير الى النهاية الرائعة للقصة، والذي دفع اليها ذلك الانسجام الكامل بين عناصر القصة في تطورها العضوي البسيط، فجاءت ولادة نهايتها طبيعية سلسة تحمل الاشراق والامل.

وتنتقل من فعل الماضي ” تعامدت ” الكلمة الاولى لصفحة القصة الاخيرة ” الى افعال مضارعة ثلاثة تحمل الاستمرارية وتدعو الى العمل .

تعاهدت هند وعمار على ان يبحثا عن وردة الوديعة وظلا يعتنيان بالقطط الصغيرة وسوف يستمران في العناية بها.

وفي النهاية بإمكاننا القول ان مثل هذا العمل يشكل ضرورة ملحة في صناعة قصص الاطفال ، واذا كان العمل الفني الواحد لا يحقق الكمال فبامكاننا القول ان هذه القصة قد بلغت المقامات العليا لغايات العمل .

ثم تحدثت روض حسين :

القصة جيملة ولطيفة رسوماتها معبرة وتخدم المضمون، وحجم الكلمة في القصة مناسب للاطفال وفيها مضامين كثيرة منها :

تحمل المسؤولية والصدق ، وعدم الخوف ، والادب في محادثة الكبير، والتعاون في عمل الخير ، والرفق بالحيوان ، والادخار ، ونعمة النطق ، وماذا يحصل اذا فقدها احدنا ؟ وحرية التعبير .

هذه القصة مثال لادب الاطفال الجيد ،تبين للقارئ الصغير وتقول له بامكانك ان تكون رحيما رؤوفا معاونا مؤدبا صادقا ، ولا تخف من التعبير عن رأيك ، وعدم الكذب وعليك ان تكون وفيا عندما تعتزم القيام بشيء ما ، في النهاية اقول لقد سعدت بقراءتي لهذه القصة ، واعتقد بانها ستسعد الاطفال عند قراءتها ، واحسبها على الطريق الصحيح ( أي الكاتبة ) فنحن بحاجة لهذه النوعية من القصص ، حتى يقبل الاطفال على القراءة بحب وشغف ، وهناك ايضا كثير من امثال هند وعمار، فكل قصة تقيم بما تحوي من المفاهيم والقيم المستقاه منها .

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات