بدون مؤاخذة-كلب الشيخ شيخ

ب


منذ القدم كان شيوخ القبائل إذا ما أرادوا تأديب رجل ما لسبب ما، لا يلجأون لتنفيذ العقاب عليه بأيديهم، بل يرسلون عبدا من عبيدهم لفعل ذلك، ولا يدافع المُعاقَبُ عن نفسه خوفا من الشيخ وليس من العبد، لأن (عبد الشيخ شيخ)، ولعل هذه الظاهرة تشاهد بوضوح في أيامنا هذه في الأفلام والمسلسلات المصرية، فشيخ الخفر يعاقب ويضرب ويصادر الأرض والممتلكات، ويمسّ بالأعراض نيابة عن العمدة، وعلى مستوى الدول الحالية فإن رأس الدولة لا يعاقب أحدا، فأتباعه يقومون بالمهمة، ولهذا وغيره كثير قالت العرب منذ القدم(كلب الشيخ شيخ)

علما أن مهمات كلب الشيخ لا تقتصر على فعل العقاب فقط، بل تتعداه إلى ترويج سياسته، فأمريكا مثلا باعتبارها(شيخ) العالم  لجأت الى(تأديب) خصومها وأعدائها من خلالهم هم أنفسهم، فرفعت على سبيل المثال شعار “فتنمة” الحرب الفيتنامية قبل أن تنهي احتلالها لفيتنام عام 1976، وأدّبت خصومها العرب بأيدٍ عربية في أكثر من مكان، وتنفذ سياساتها بوسائل إعلام تتكلم العربية الفصحى، وأقلام تكتب بالعربية، وعقول عربية مباعة في سوق النخاسة العالمية، ولا تتورع من الاستشهاد بالقرآن الكريم والسنّة النبويّة وعلى ألسنة مشايخ ذوي عمائم ولحى، ويتقلدّون مناصب رفيعة في بلدانهم.

والذي يلاحظ الكثير من الفضائيات العربية، كونها موجودة في كل بيت تقريبا، كنموذج لوسائل الاعلام، سيجد أن غالبية هذه الفضائيات مكرسة لخدمة أهداف لا تجلب الخير للعرب ولا للمسلمين، فتسّوق من تشاء، وترفع من تشاء وتحرق من تشاء، وتلفق ما تشاء تنفيذا لأجندات وسياسات ما أرادت الخير يوما لأمتنا ولأوطاننا، ولو أخذنا قضية عربية ساخنة، وتابعنا أخبارها وتقاريرها، على بعض الفضائيات العربية، وعلى الفضائيات البريطانية والأمريكية والفرنسية والاسرائيلية الناطقة بالعربية والموجهة للشعوب العربية، على سبيل المثال، سنجد فارقا كبيرا، يتمثل في “عقلنة” الفضائيات الأجنبية قياسا بمثيلاتها العربية، لأن الأجنبية تحترم نفسها، وتحترم عقلية مشاهديها أكثر من تابعاتها العربية، علما أن الفضائيات الأجنبية تقدم لمواطنيها نفس الحدث بلغتها الأمّ وبطريقة مختلفة عن تقديمها للمشاهدين العرب.

والشيء نفسه ينطبق على الكثير من الصحافة العربية المكتوبة والمسموعة، فهل توافقون على حكمتنا الشعبية القائلة بأن”كلب الشيخ غلبته ومشاكله أكثر من الشيخ نفسه)؟.

10 حزيران 2012

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات