ملاحظات على حرب غزة قد تبدو غريبة

م
لا خلاف بأن لا أخلاق في السياسة، وأمريكا بصفتها الدولة الأعظم في العالم لم تتحلّ بالأخلاق في أيّ من سياساتها وحروبها، بل هي تبحث عن مصالحها أوّلا وأخيرا بغض النظر عن الوسيلة التي تتبعها، ولا يجرؤ أحد على مخالفتها خوفا لا احتراما أو توافقا، وفي الحرب المفتوحة المفتعلة التي تشنها اسرائيل منذ 13 حزثيران الماضي على الشعب الفلسطيني واتخذت أبعادا جهنمية منذ 7 تموز –يوليو- الحالي على قطاع غزة، لم يكن الاصبع الأمريكي المحرّك بعيدا عن هذه الحرب، وتشارك فيه دول الاتحاد الأوروبي وغالبية الأنظمة العربية، وأحزاب وتنظيمات “وطنية واسلامية”وتهدف الى اخراج مشروع الشرق الأوسط الجديد لإعادة تقسيم المنطقة وتصفية القضية الفلسطينية إلى حيّز التنفيذ قبل نهاية ولاية الرئيس الأمريكي باراك أوباما الثانية، وكان لا بدّ من تحريك الأوضاع بحرب تدميرية بعد أن فجّر نتنياهو المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، ليجري الاعداد لمؤتمر دولي تحت العباءة الأمريكية لوقف الحرب غير المسبوقة بحجمها التدميري واستهدافها للمدنيين الفلسطينيين تحديدا، ومن ثمّ الانطلاق الى حلول لتصفية القضية الفلسطينية، ارضاء للشعوب العربية التي ما عادت في غالبيتها ونتيجة للتضليل العلامي تعرف ما يدور حولها. وحماية لاسرائيل من شرور وأطماع قيادتها.
وستشهد المنطقة ولادة دولة كردية مستقلة في شمال العراق في الشهر القادم، لا حبّا في االاخوة الأكراد الذين يجب التأكيد على حقهم في تقرير مصيرهم، وانما لتقسيم العراق، وشهدنا كيف أعلنت داعش “دولة الخلافة” في وسط العراق، وما رافق ذلك من تهجير المسيحيين في الموصل ونينوى، وقتلهم وقتل كل من يخالف داعش ومع ما صدر من “أمير المؤمنين” من مراسيم أقلّ ما يقال فيها أنها تشوّه الاسلام الحقيقي، وسيتبعها اعلان دولة شيعية في جنوب العراق، وسيتبع ذلك تقسيم سوريا ولبنان، وستتبعها السعودية واليمن وغيرها، وسنرى دويلات طائفية متناحرة الى ما لا نهاية.
أمّا بالنسبة للقضية الفلسطينية، ومع كل المآسي التي رافقت الحرب الوحشية على قطاع غزة فإنه يجب الانتباه الى قضايا لم تكن مألوفة من قبل، ويبدو أنه تم الاعداد لها بطريقة محكمة، فعلى سبيل المثال ومع ما تمثله القضية الفلسطينية كقضية العرب الأولى- على الأقل في وجدان الجماهير- نشاهد للمرة الأولى أقلاما عربية في مصر والسعودية والامارات العربية ولبنان وغيرها تشيطن الشعب الفلسطيني، وتدعو الى ابادته، بل وتناصر حكومة نتيتهو وجيشه.
ويصاحب ذلك ظهور أقلام وصحف في أمريكا وأوروبا تتحدث للمرّة الأولى عن حقوق الشعب الفلسطيني والمظالم التي تعرض لها، بل هناك من يشبه أعمال اسرائيل الاجرامية في قطاع غزو بالأعمال النازية، وهذه قضايا ايضا غير مسبوقة، فهل يعني هذا التقابل التمهيد لقبول الشعوب العربية باسرائيل؟ تماما مثلما يعني في الجهة المقابلة التمهيد لدى المعسكر المنحاز لاسرائيل والصهيونية العالمية لقبول الشعب الفلسطيني وحقه في تقرير مصيره واقامة دولته؟ وبالتأكيد فان هذه التحولات ليست بريئة، تماما مثلما هي ليست عفوية. وأمريكا لم تكن نائمة بل كانت تعد لهكذا مرحلة، لكنها في الأحوال كلها لم ولن تتخلى عن حليفتها اسرائيل.
26-7-2014

جميل السلحوتملاحظات على حرب غزة قد تبدو غريبةلا خلاف بأن لا أخلاق في السياسة، وأمريكا بصفتها الدولة الأعظم في العالم لم تتحلّ بالأخلاق في أيّ من سياساتها وحروبها، بل هي تبحث عن مصالحها أوّلا وأخيرا بغض النظر عن الوسيلة التي تتبعها، ولا يجرؤ أحد على مخالفتها خوفا لا احتراما أو توافقا، وفي الحرب المفتوحة المفتعلة التي تشنها اسرائيل منذ 13 حزثيران الماضي على الشعب الفلسطيني واتخذت أبعادا جهنمية منذ 7 تموز –يوليو- الحالي على قطاع غزة، لم يكن الاصبع الأمريكي المحرّك بعيدا عن هذه الحرب، وتشارك فيه دول الاتحاد الأوروبي وغالبية الأنظمة العربية، وأحزاب وتنظيمات “وطنية واسلامية”وتهدف الى اخراج مشروع الشرق الأوسط الجديد لإعادة تقسيم المنطقة وتصفية القضية الفلسطينية إلى حيّز التنفيذ قبل نهاية ولاية الرئيس الأمريكي باراك أوباما الثانية، وكان لا بدّ من تحريك الأوضاع بحرب تدميرية بعد أن فجّر نتنياهو المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، ليجري الاعداد لمؤتمر دولي تحت العباءة الأمريكية لوقف الحرب غير المسبوقة بحجمها التدميري واستهدافها للمدنيين الفلسطينيين تحديدا، ومن ثمّ الانطلاق الى حلول لتصفية القضية الفلسطينية، ارضاء للشعوب العربية التي ما عادت في غالبيتها ونتيجة للتضليل العلامي تعرف ما يدور حولها. وحماية لاسرائيل من شرور وأطماع قيادتها.وستشهد المنطقة ولادة دولة كردية مستقلة في شمال العراق في الشهر القادم، لا حبّا في االاخوة الأكراد الذين يجب التأكيد على حقهم في تقرير مصيرهم، وانما لتقسيم العراق، وشهدنا كيف أعلنت داعش “دولة الخلافة” في وسط العراق، وما رافق ذلك من تهجير المسيحيين في الموصل ونينوى، وقتلهم وقتل كل من يخالف داعش ومع ما صدر من “أمير المؤمنين” من مراسيم أقلّ ما يقال فيها أنها تشوّه الاسلام الحقيقي، وسيتبعها اعلان دولة شيعية في جنوب العراق، وسيتبع ذلك تقسيم سوريا ولبنان، وستتبعها السعودية واليمن وغيرها، وسنرى دويلات طائفية متناحرة الى ما لا نهاية.أمّا بالنسبة للقضية الفلسطينية، ومع كل المآسي التي رافقت الحرب الوحشية على قطاع غزة فإنه يجب الانتباه الى قضايا لم تكن مألوفة من قبل، ويبدو أنه تم الاعداد لها بطريقة محكمة، فعلى سبيل المثال ومع ما تمثله القضية الفلسطينية كقضية العرب الأولى- على الأقل في وجدان الجماهير- نشاهد للمرة الأولى أقلاما عربية في مصر والسعودية والامارات العربية ولبنان وغيرها تشيطن الشعب الفلسطيني، وتدعو الى ابادته، بل وتناصر حكومة نتيتهو وجيشه.ويصاحب ذلك ظهور أقلام وصحف في أمريكا وأوروبا تتحدث للمرّة الأولى عن حقوق الشعب الفلسطيني والمظالم التي تعرض لها، بل هناك من يشبه أعمال اسرائيل الاجرامية في قطاع غزو بالأعمال النازية، وهذه قضايا ايضا غير مسبوقة، فهل يعني هذا التقابل التمهيد لقبول الشعوب العربية باسرائيل؟ تماما مثلما يعني في الجهة المقابلة التمهيد لدى المعسكر المنحاز لاسرائيل والصهيونية العالمية لقبول الشعب الفلسطيني وحقه في تقرير مصيره واقامة دولته؟ وبالتأكيد فان هذه التحولات ليست بريئة، تماما مثلما هي ليست عفوية. وأمريكا لم تكن نائمة بل كانت تعد لهكذا مرحلة، لكنها في الأحوال كلها لم ولن تتخلى عن حليفتها اسرائيل.26-7-2014

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات